2013/01/12

صلاحيات مدير/ة المدرسة بين التمتين والتمكين

نحو لامركزية منضبطة وفاعلة في نظامنا التربوي (1) صلاحيات مدير/ة المدرسة بين التمتين والتمكينstock-photo-19359976-business-competition

كتب. عبدالله القرزعي

من المعلوم توجه وزارة التربية والتعليم نحو الانتقال إلى اللامركزية والتخلص من المركزية التي باتت نتائجها ضعيفة ولا تتواكب مع منظومة الوزارة الهائلة من المدارس ومتطلبات عصر نستشرف فيه أن تكون مدارسنا (مُتَعلمة) تسعى نحو تمكين الطلاب من التفكير والتعلم المستمر وصولاً إلى امتلاكهم جملة من المهارات العلمية والحياتية لينتجوا ويبدعوا ويواكبوا متطلبات التنمية المستدامة للدولة وعصر اقتصاد المعرفة.

ومما لاشك فيه أن تطور التعليم والمدرسة وممارساتها العلمية هو أصل بناء ( هوية الدولة ) نحو التقدم وبسط السيادة والنفوذ ؛ وهو وإن كان متطلب لجميع الأمم إلا أنه لوطننا أكثر إلحاحاً بصفته :

  • يحمل لواء الإسلام على مستوى العالم .
  • رزق بثروة طبيعية هي الأكثر تأثيراً في العصر الحالي …

بيد أنه لا يجب الاعتماد الكلي عليها حيث أننا مقدمون على عصر يتطلب أكثر من وجود الثروة الطبيعية لبناء معرفي فعال ومؤثر.

ولعل من أهم الثروات التي تمتلكها الدول الثروة البشرية حيث المعين الذي لا ينضب والمناسب في كل مكان وزمان ومختلف العصور والمراحل.

بدأت وزارة التربية والتعليم في طرح عدة مشاريع نحو الانتقال إلى اللامركزية في نظامنا التربوي ومن أهمها منح سمو وزير التربية مديري ومديرات المدارس (52) صلاحية لتمكين المدرسة من معالجة بعض القضايا الملحة عن طريق ممارسة الصلاحيات بشكل مباشر وقرار سريع وفعال دون الحاجة إلى الإجراءات البيروقراطية المعتادة.

وبحق وعبر خبرة قرابة 20 عاماً في المجال التربوي أؤكد أن منح وليس تفويض الصلاحيات من أعلى مرجعية في النظام التربوي لمديري ومديرات المدارس كان مردوده إيجابي إلى حد ما … بيد أنه مازال يحتاج إلى كثير من الدراسة والاستقصاء والمراجعة والعناية والتقويم ليكون أكثر فاعلية وتأثيراً …

 

وقد كان لي طرح سابق قبل وبعد منح الصلاحيات واستشرفت فيه مجموعة من القضايا الملحة

في 10 يونيو 2010  مقال بعنوان (توسيع صلاحيات مديري المدارس وتوطين العمل الإشرافي)

http://child-trng.blogspot.com/2010/06/blog-post_6770.html 

وفي 28 إبريل 2011  مقال بعد إقرار الصلاحيات بعنوان (صلاحيات مدير/ة المدرسة بصيغتها الجديدة .. نقطة تحول من المركزية إلى اللامركزية ولكن !؟ )

http://child-trng.blogspot.com/2011/02/blog-post.html

اليوم وبعد مرور قرابة العامين على منح الصلاحيات هناك عدة تساؤلات متوالية مُلحة :

السؤال : هل باتت مدارسنا اليوم أفضل قبل قرار منح الصلاحيات لمديري ومديرات المدارس ؟

الجواب : بمجمل الأمر نعم . ويكفي أنها منحت مدير ومديرة المدرسة مزيدا من الثقة.

السؤال : هل انعكست ممارسة تلك الصلاحيات إيجاباً على نوعية التدريس وتجويده ؟

الجواب : ليس بعد . لأن معظمها صلاحيات إدارية لا تمس بشكل مباشر فنيات التدريس والأداء الذي هو جوهر العملية التربوية/التعليمية.

السؤال : هل الصلاحيات بوضعها الراهن كافية لنقل مدارس نظامنا التربوي من المدارس التقليدية إلى مدارس المستقبل المُتعلمة ؟

الجواب : مازال ينقص الصلاحيات مزيداً من النفوذ والدعم واتصالها بالجانب التربوي وليس الإداري فقط.

 

وقد اطلعت على دراسة علمية قامت بها رئيسة قسم التقويم والجودة الأستاذة خلود بنت صالح الكليبي - تعليم الأحساء على صلاحيات مديرات المدارس الممنوحة بعد مضي عام من تطبيقها وكشفت الدراسة حاجتها للكثير من الدراسة والتقويم لتكون مؤثرة ومؤصلة للامركزية وتبني هوية المدرسة وتمكنها.

 

إليكم أحبتي :

مادة إثرائية عن الصلاحيات (منقولة) الهدف منها بث ثقافة معيار منح وتفويض الصلاحيات كأساس هام في الانتقال إلى اللامركزية

 

ما هو منح الصلاحيات؟
عملية إعطاء الأفراد قدرات أوسع أو (سلطة) لممارسة التحكم وتحمل المسؤولية عن عملهم.

وهذا يعني حمل الأفراد على إصدار أحكامهم الخاصة لصالح المنظمة ومستفيديها.

 

الغرض من منح الصلاحيات هو :

تحرير شخص ما من التحكم الشديد للتوجيهات والأوامر ومنحه حرية تحمل المسؤولية عن أفكاره وأفعاله وإطلاق العنان للموارد المختبئة والتي كانت ستظل محجوبة يصعب الوصول إليها.
وتوفر منح الصلاحيات " متسع " أكبر للأفراد لاستخدام قدراتهم من خلال تمكينهم وتشجيعهم على صنع القرارات بالقرب من مواقع التأثير.

فلسفة منح الصلاحيات :
أساس الاعتقاد أن منح الصلاحيات هو التوجه الصحيح نحو تطوير فاعلية المنظمة  حيث أن الأفراد الأقرب إلى المشكلة هم الأقدر على التوصل إلى حل لها بشرط أن يكون لديهم إطار عمل يمكنهم من خلاله اتخاذ القرارات.

الافتراضات التي تكمن وراء مفهوم النظام مانح الصلاحيات هي :

1. الكفاءة :

الاعتقاد بأنه من المتوقع أن يؤدي الموظفون عملهم في حدود كفاءتهم بأقل درجة من الإشراف.

2. الثقة :

من الضروري ألا تعتقد فقط في كفاءة الأفراد, ولكن أيضاً تثق في كيفية مواصلتهم عملهم.

3. فريق العمل :

قليل من المشاكل التنظيمية يمكن حلها عن طريق شخص واحد يعمل بمفرده, وبمعنى المعدل الهابط للتغيير والاضطراب أنه كلما ظهرت تحديات ومشكلات جديدة يجب أن يتجمع الأفراد معاً بطريقة طبيعية في فرص مرنة دون حواجز تفرضها الصفات الاعتبارية أو الدرجات الإدارية لحل المشكلة في إطار أهداف المنظمة وقيمها. وتتماسك المنظمة من خلال هذه الأهداف المشتركة.

أسباب منح الصلاحيات

  • الإسراع من عمليات صنع القرار وتوقيت رد الفعل.
  • إطلاق قدرات الإبداع والتجديد لدى الموظفين.
  • توفر درجة أكبر من الرخاء الوظيفي والتحفيز والإلتزام.
  • منح الأفراد مزيداً من المسؤولية.
  • تمكن الموظفين من اكتساب إحساس أكبر بالإنجاز في عملهم.
  • تقليل تكاليف التشغيل من خلال حذف الخطوات الإدارية غير الضرورية, والتحكم في النوعية وفحص العمليات.

تغيير مفهوم المنظمة القائدة :

المنظمة القائدة :

واحدة من المناطق التي تتمركز فيها صناعة القرار ويتم الاعتماد فيها على سلطة المديرين "لإنجاز المهام "

وتعتقد الإدارة أنها دائماً ما تعرف الأفضل (مهما كانت بعيدة عن بيئة العمل أو الفئات المستفيدة) وتعتبر مساهمات فريق العمل أمر مسلم به أكثر منها محل ترحيب.


وعلى العكس تستخدم المنظمة مانحة الصلاحيات قدرات وحماسة موظفيها على نحو أفضل بكثير, ولديها إمكانية للتطوير باستمرار من خلال سلسة صغيرة وكبيرة من الخطوات يوم بعد يوم وعلى كافة المستويات, وتغذية التعلم من خبرتها لتحسن مستوى أدائها.

هام جدااااااا :

والمنظمة المركزية يمكن تشبيهها بالديناصور بعقليته الصغيرة العاجز عن إدارة كيانه الضخم.

والمنظمة اللامركزية مانحة الصلاحيات أشبه ما تكون بسرب من الأسماك يتحرك بسرعة وتناغم وتوافق في الحال تحت العلامات المنتصبة.


تحقيق عملية منح الصلاحيات غاياتها ومضامينها:

يمكن لعملية منح الصلاحيات أن تتحقق من خلال:

  • الوسائل الهيكلية – التنظيم والعمل في مجموعات.
  • سلوك أو أسلوب المديرين الفرادى.
  • جدولة العون الذي يمكن أن يقدمه الموظفون في معالجة قضايا المؤسسة الحالية.
  • كسب (قلوب وعقول) الأفراد.
  • منح الصلاحيات الهيكلية – التنظيمية

من المحتمل أن يكون للمنظمة مانحة الصلاحيات هيكل بسيط بأقل عدد من الدرجات الإدارية. ويعمل الهيكل متعدد الدرجات على تصفية المعلومات المتدفقة في اتجاهين كما يعرقل عملية صنع القرار من التغلغل داخل المنظمة كما ينبغي.

منح الصلاحيات الهيكلي – مجموعة العمل
منح الصلاحيات يمكن تحقيقه في مستوى مجموعة العمل من خلال تنفيذ المبادئ التالية:


1. يجب تنظيم العمل على أساس العمليات الرئيسية لتشغيل ( المهام الكلية ).
2. الوحدة التنظيمية الأساسية يجب أن تكون مجموعة العمل الرئيسية ( من 4 إلى 20 فرد ).
3. كل مجموعة عمل يجب أن تتضمن قائد مختار.
4. يجب هيكلة الوظائف حتى يمكن لأعضاء مجموعة العمل بصورة شخصية تخطيط وتنفيذ وتقويم واحدة على الأقل من خطوات العملية.
5. يجب أن تكون كل مجموعة عمل قادرة بصورة كاملة على تقويم أدائها في ضوء معايير التميز المتفق عليها.
6. يجب أن تتاح لكل أعضاء مجموعة العمل الفرصة للمشاركة في عمليات التخطيط, وحل المشكلات, والتقويم الخاصة بالمجموعة.


أسلوب الإدارة
يمنح المديرون صلاحيات لأعضاء فرقهم ليس بالتخلي عن السيطرة, ولكن بتغيير أسلوب ممارسة هذه السيطرة, ويجب عليهم أن يتعلموا التفويض بصورة أكبر والسماح للأفراد والفرق بمساحة أكبر من التخطيط والتصرف ومراقبة أدائهم.

الإنغماس في القضايا
يمكِّن منح الصلاحيات من خلال دفع الأفراد لتطوير حلول بأنفسهم لقضايا محددة, ويمكن تنفيذ ذلك من خلال فرق مرتقبة لا تعمل فقط على اقتراح طرق بعينها أو من خلال عقد الآمال على أن شخص آخر سيفعل شيء ما, ولكن بحل المشكلة فعلياً من خلال القطاع الخاص بهم في المنظمة, وفي ضوء الموارد التي يمتلكونها, والظروف التي يعملون في إطارها.


القلوب والعقول
يتعلق منح الصلاحيات بإشراك قلوب وعقول الأفراد معاً حتى يمكنهم انتهاز الفرص المتاحة أمامهم لزيادة مسؤولياتهم.
وعلى مستوى الإدارة يتحقق ذلك من خلال الرؤية الاستراتيجية المشتركة والقيم المشتركة عبر المنظمة, وتوفير الكفاءة والثقة اللتين من دونهما لا يمكن أن تعمل منظمة مانحة الصلاحيات.


عشر سبل لمنح الصلاحيات للأفراد:
1. التفويض بصورة أكبر.
2. إشراك الأفراد في وضع الأهداف, ومعايير الأداء, واتخاذ قرارات بشأن إجراءات الأداء.
3. السماح للأفراد والفرق بمساحة أكبر من التخطيط والعمل, ومراقبة أدائهم.
4. إشراك الأفراد في تطوير حلول للمشكلات بأنفسهم.
5. تشكيل فرق تدير نفسها بنفسها, وأخرى تضع أهدافها ومعاييرها, وتدير أدائها بنفسها.
6. إعطاء الأفراد حرية في تقرير الاحتياجات التي يجب إشباعها.
7. مساعدة الأفراد على التعلم من أخطائهم.
8. تشجيع التنمية المستمرة حتى يمكن للأفراد أن ينموا في أدوارهم وبأدوارهم في آن واحد.
9. شارك أفراد فريقك في رؤيتك وخططك.
10. امنح الثقة للأفراد وعاملهم كناضجين.

المرجع :

 http://staff.kfupm.edu.sa/FPA/akghamdi/chapter1/man7_al9la7iat_welmanto39a.htm

 

خلاصة أضعها أمام تأملاتكم وحسكم الإداري والتربوي :

بتأمل المادة الإثرائية السابقة نجد أنه وحسب أسلوب النظم (مدخلات –عمليات -مخرجات) وتطبيقه على منح سمو وزير التربية مديري ومديرات المدارس صلاحيات من أعلى مرجعية في النظام التربوي … استقرأ الأتي :

على مستوى المدخلات :

الفكرة : ممتازة وتوجه رائع نحو اللامركزية وبناء هوية المدرسة المتعلمة.

المُدخل : يحتاج لدراسة وتقويم ودعم ومزيدا من التفصيل والأجرأة والأتمتة (تحويل الإجراءات الكثيرة إلى إلكترونية)….

التأثير : متوسط ويمكن زيادة فاعليته بمزيد من الدعم والتفصيل والتمتين (التدريب النوعي للمديرين والمديرات)…

الحماية : كون الصلاحيات ممنوحة وليست مفوضة من أعلى مرجعية في النظام يعتبر ذلك ميزة وقوة لها وثقة داعمة لمديري ومديرات المدارس بيد أن الثقة يجب ألا تسبق التمتين لتحقيق التمكين.

على مستوى العمليات :

على مستوى الجهاز المركزي (الوزارة) :

خرج مشروع منح الصلاحيات وبالإمكان أفضل من ذلك والتدقيق والمراجعة في تأثيرها ومنحها ولمن تمنح. مع أهمية توفير كافة الأدوات اللازمة لممارستها بالأسلوب الذي يحقق نطاق مؤثر أوسع إدارياً وتربوياً.

على مستوى إدارات التربية والتعليم :

ضعف أدوات الرقابة والضبط كدور للقيادة الوسطى وربما منشأ ذلك نقص أدوات المشروع من الأساس . ومع ذلك لايعفي من ممارسة أدوارها بشكل أكثر انضباطاً وعلمية.

على مستوى المدرسة :

تفاوت كبير في ممارسة الصلاحيات ؛ جرأة مندفعة أو خوف من الممارسة . ومنشأ ذلك ربما لضعف أساس المشروع ودعمه وأدواته وعدم توفر المقوم الداخلي والخارجي. والتفاوت في الممارسة يعطي تفاوت وتباين في درجة التأثير وجودة الأثر.وهناك حاجة لئن ينمي القادة أنفسهم في جانب ممارسة الصلاحيات وتفعيل اللجان(فرق العمل).

على مستوى المخرجات :

تحسن وضع مدارسنا اليوم عن ذي قبل وثقة المديرين والمديرات جيدة إلى حد ما . بيد أن ذلك وحده لايفي بمتطلبات تمكين المدرسة وبناء هويتها لتكون مدرسة متعلمة بحق تسهم بمنتجاتها  في مواجهة الدولة لمتطلبات عصر اقتصاد المعرفة الذي لايعترف بمن يستهلكه فقط وإنما بمن يبنيها ويعالج قضاياه بعقول ثروته البشرية.

 

دمتم بود

هناك 5 تعليقات:

  1. تم تعديل مرجعية الدراسة من (الاخوات في تعليم الاحساء ) الى دراسة الباحثة الاستاذة خلود الكليبي رئيسة قسم التقويمالجودة بتعليم الاحساء .... مع الاعتذار للباحثة

    ردحذف
  2. الاستاذ عبدالله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا ماجد طالب في ماجستير عندي بحث يتعلق بالصلاحيات الممنوحه للمدراءبودي التواصل معكم اذا تكرمت على ايميلي m_s_999@msn.com في اسرع وقت ممكن
    اذا اريد منكم الحصول على دراسة الباحثهالاستاذة خلود
    لاني في امس الحاجه لها
    وارجو من الله ثم منكم مساعدتي في ذالكولك جزيل الشكر والعرفان

    ردحذف