2014/09/28

طفلي ورياض الأطفال ... سباق مع الزمن

images5RX8ZOOW

كتب.عبدالله القرزعي

دعت الحاجة عند خروج الأب إلى العمل إبان بدايات الثورة الصناعية إلى إنشاء محاضن تربوية تساعد الأسرة على تقديم تربية منظمة لأبنائها وتأسست حينها المدرسة الابتدائية ، وفي المقابل دعت الحاجة المماثلة عند خروج المرأة إلى العمل إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال للهدف ذاته إضافة إلى رعاية الطفل في متطلباته الفسيولوجية في دور الحضانة ...

ومعلوم أن دور الحضانة تستقبل الأطفال منذ ولادتهم وحتى سن الثالثة ويتبلور الهدف الأساس في رعاية الطفل وتعويده على اللعب مع أقرانه ... من قبل حاضنات يقمن بمهام شبيهة بمهام الأم في المنزل.

أما رياض الأطفال 3-4-نهاية 5 سنوات وبداية السنة السادسة وهي مرحلة الطفولة المبكرة الهامة والحساسة في عملية تكوين وبناء شخصية الطفل فأدوارها تختلف حيث تتناول أبعاداً اجتماعية وتربوية وبعض البدايات الأكاديمية ...

وتعتبر نظرية منتوسوري الطبيبة الإيطالية (1870-1952م)في رياض الأطفال هي الأبرز على الإطلاق في منهجية تربية الطفل في تلك المرحلة حيث أكدت على أن تكون رياض الأطفال مدارس للتعلم باللعب واستثمار الفترات الحساسة لتعلم الطفل وتزويده بجملة من المهارات الحياتية والتربوية ...

http://child-trng.blogspot.com/2010/10/1870-1952.html

المبادئ الرئيسية لأسلوب تعليم المونتيسوري

1. الاستقلالية والحرية: "ساعدني لأنجز العمل بنفسي" فالمعلمة تساعد وتحفز متى ما استرعى الأمر.

2. أنشطة تلقائية: الأطفال نشطين بطبيعتهم ويرغبون في التعلم، وما يتعلمونه والطريقة التي يتعلمون بها تعتمد على العمر والاهتمام والفترات الحساسة والبيئة.

3. الملاحظة: متابعة تطور نمو الطفل.

4. تطوير المهارات الاجتماعية: احترام الأطفال بعضهم البعض، الرعاية وتقديم المساعدة وذلك يتحقق في هذا النوع من الفصول التي يختلط فيها الطفل مع أطفال من أعمار مختلفة (فالصغار يتعلمون من الكبار والكبار يقدمون المساعدة للصغار) مما يساعد على النمو الاجتماعي الصحي.

5. أدوات المونتيسوري: تساعد الطفل على التطور وتتيح الفرصة ليعمل الطفل باستقلالية وتضمن تقدمة.

وللأسر والمربيات أود أن أذكر بما يأتي :

من المهم هنا أن نتحدث عن طموح الأباء والأمهات في ما ستقدمه رياض الأطفال لأطفالهم ومدى تهيئتهم وتأهيلهم للمدرسة الابتدائية ؟

هنا أقول أن الأطفال لا يجب أن تقودهم طموحات الكبار لما هو أبعد من امكاناتهم ومتطلبات مرحلتهم سواء من قبل الأسرة أو الروضة ..

أما لماذا ؟

لأن الطفل في تلك المرحلة يحتاج وقت للتآزر الحركي والإنفعالي والعقلي فقد يخفق في تجسيد وإتقان عديد المهارات التي تطلب منه قبل وقتها . حيث تصر بعض الأسر وتلح على رياض الأطفال تعليم أطفالهم المهارات الأكاديمية ومسك القلم والكتابة والقراءة ؟!!

وتلك مهارات وإن أتقنها بعض الأطفال استجابة للضغوط والحفز إلا أن هذا ليس وقتها بل وقت التعلم باللعب ومنح الطفل فرص التعلم دون ضغوط وبأساليب كالتلوين واللعب بالصلصال وغيرها ...

إن تعريض الطفل في تلك المرحلة للمهام الأكاديمية المتقدمة خاصة مايتعلق بالورقة والقلم والكتابة لهو أمر شديد الخطورة وإذا تعرض خلاله الطفل للفشل قد تطول فترة معالجة فشله وقد تنعكس سلباً على بداياته ودافعيته للتعلم في المرحلة الابتدائية.

عليه أؤكد على الأباء والأمهات ومعلمات رياض الأطفال بأهمية الأسس التالية :

1. مرحلة رياض الأطفال مرحلة التعلم باللعب ومايصطلح عليه باللعب الإيهامي التعلمي. وهذا لايعني ترك الطفل لممارسات غير هادفة بل يجب تحديد أهداف وتنويع أساليب تحقيق التعلم (رمل ، تلوين ، صلصال .......).

2. لاتتعجلوا نمو أطفالكم وامنحوهم فرص التعلم بمؤثرات خارجية تثير دافعيتهم وتحفزها بما لايمثل ضغوطاً عليهم لئلا نعرضهم للفشل مما يضعف دافعيتهم ويفقدهم ثقتهم بقدراتهم.

3. لكل طفل فترات حساسة للتعلم تكون دافعيته واستعداده للتعلم في قمة التركيز ولايمكن لأي منا تحديد تلك الفترات ومايضمن استثمارها هو مزيد من فرص التعلم ومنح الطفل المحاولات للتكرار حتى الاتقان.

4. المهارات الاجتماعية (الجرأة ،الحوار، التعاون ، التعارف ، القيادة ، التواصل .....) هي الأهم في بناء شخصية الطفل في مرحلة رياض الأطفال فالتهيئة الاجتماعية والنفسية للطفل لمجتمع التعلم هي المهمة الأساسية في تلك المرحلة وليست المهارات الأكاديمية ودقتها والإلمام بها ...

5. تستجيب بعض الروضات لمطالبات وطموح ورغبة الأسر وتخصص للطفل دفاتر واجبات ومهام أكاديمية وتلك استجابة غير علمية . فالأولى ممارسة رياض الأطفال دورها في تهيئة الطفل وأسرته لما يجب أن تكون عليه رياض الأطفال كمدرسة للعب وتعلم المهارات الاجتماعية والتهيئة النفسية وبناء شخصية الطفل ...

6. أسلوب فصول الأركان والوحدات التعليمية كما في منهج منتوسوري أسلوب ملهم للطفل وحافز للتعلم وفيه تتعدد الفرص وتكتشف امكانات كل طفل وتستثمر فيه الفترات الحساسة لتعلمه ...

7. فارق كبير بين ترك ممارسات الأطفال تحت العشوائية وبين التخطيط لتلك الممارسات لتكون هادفة وليعبر الطفل عن تعلمه وفق امكاناته ونضجه وتقدمه لبناء شخصيته ...

8. من 10 حتى 12 طفل عدد معقول للأطفال في كل صف مع معلمة ومساعدة لها . أما مايحدث من تكديس لأعداد كبيرة للأطفال داخل المستوى الواحد والصف ففيه ضرر كبير وانهاك للمعلمة وضعف نواتج تربوية للأطفال ...

9. مهم جدا ملاحظة سلوك الطفل في المنزل حيث سيكتسب عديد المهارات الايجابية لتعزيزها ، وقد يكتسب بعض العادات والألفاظ السلبية من أقرانه فرياض الأطفال المحك والاختبار الأول لتربية الأسرة ومدى قوة غرس القيم لدى أطفالها ...

وكلي أمل بأن لايحبط ذلك طموح وأمال الأسرة بل يجب أن يزيدها اصراراً في تمكين الطفل من التفريق بين الجيد وغيره وبسط شخصيته وخيريته على أقرانه ومجتمع تعلمه الجديد .

ومهم أن يكون ذلك وسط حوار هادئ وأسلوب الإحلال سلوك ايجابي محل سلوك سلبي .. وأما الزجر والضرب والتهديد للطفل ففيه امتلاكه مفاتيح تغضب الكبار يستخدمها متى ما أراد لفت الانتباه ؟!!

10. الطفل في تلك المرحلة لا يزداد عناده كما يعتقد البعض بل يكون له مشارب أخرى غير الأسرة يستقي منها عاداته التي قد تختلف مع ماهو سائد داخل الأسرة . ومهم تقبل وتعزيز العادات الإيجابية والحوار حول العادات السلبية ...

11. من الطبيعي أن تكون دافعية الطفل عالية للذهاب للروضة متى ما تكررت التجارب السارة وعكس ذلك رغبته في عدم الذهاب .. ومهم ملاحظة نوم الطفل وهل يأخذ كفايته منه ومن الغذاء الجيد ...

12. إن كانت الأم في المنزل مع طفل صغير فسيلاحظ رغبة طفل الروضة البقاء معهم في المنزل حيث ينتابه القلق عليهم وتجاههم ومهم حوار الطفل في هذا الاتجاه وإشعاره بالأمن والطمأنينة ... وأهم شيء توديع الطفل واستقباله عند عودته من الروضة ..

أسأل الله أن يبارك ويصلح لكم النية والذرية ، وأن يكلل جهود معلمات رياض الأطفال وكافة العاملات بالتوفيق ..

دمتم في رعايته وحفظه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق