كنت أسمع عن مونتيسوري ونظرياتها في تعليم الأطفال والمراهقين ؛ ومع تنامي مفاهيم التربية الجديدة والتغير في غاياتها من الإعداد للوظيفة إلى الإعداد للحياة ؛ جاءت محاسن الصدف في أن اطلع على مفاهيم نظريات مونتيسوري الرائعة والتي أعتبرها أول من وضعت لبنات إصلاح الأنظمة التربوية في عديد من الدول المتقدمة ؛ ولا أدل على ذلك من انتشار نظرياتها ومدارسها ومنهجها حتى اليوم رغم أنه يفصلنا عن وفاتها قرابة 60 عاماً.
ألخص ما جاءت به منتيسوري بالأتي :
"تؤمن بأن الله استودع في الإنسان قدرات وإمكانات هائلة حتى المعاقين منهم ؛ وأن قدرة أي فرد على التعلم وتنمية ما لديه تكمن في استغلال –الفترات الحساسة- والتي يكون فيها مهيئا من جميع الجوانب للتعلم ؛ وتنادي بأن دور المعلم هو تهيئة بيئة غنية بالفرص والمواقف والأنشطة التي تتيح للفرد استغلال الفترات الحساسة التي يمر بها ؛ وسط توجيه المعلم وتنظيمه للموقف التعليمي التعلمي ؛ وتركز على أهمية البيئة الغنية بالمواقف وكلما كانت شبيهة للبيئة الحياتية كان أفضل ؛ ومن أهم تطبيقات نظرياتها ما نجده لدينا في تعليم أطفال رياض الأطفال وفق استراتيجية الأركان والوحدات"
مربية وفيلسوفة وطبيبة وعالمة ومـُثـَقـّفة متطوعة إيطالية.
بداياتها
ولدت ماريا مونتيسوري في بلدة كيارافالي بمقاطعة أنكونا وسط إيطاليا عام 1870 م وبعد معاناة وممانعة من والدها أصبحت أول امرأة في إيطاليا تتأهل كطبيبة وكان أول أعمالها المهمة مع الأطفال المعاقين عقلياً.
مدرسة المعاقين "أورتو فرينكا" :
وعملت مديرة لها ومكثت سنتين في إدارة المدرسة
وقد طبقت مبادئ سيجوان في تربية ذوي الإعاقات العقلية
نجحت نجاحاً باهراً أدى بها إلى الاعتقاد بأن هناك " أخطاء كبيرة في طرق وأساليب التربية المتبعة في تعليم العاديين من الأطفال ".
فتعجبت قائلة:
"بينما كان الناس في منتهى الإعجاب بنجاح تلاميذي المعتوهين ؛ كنت في منتهى الدهشة والعجب لبقاء العاديين من الأطفال في ذلك المستوى الضعيف من التعليم ؛ لذلك فإن الطرق التي نجحت مع المعاقين لو استعملت مع الأطفال العاديين لنجحت نجاحاً باهراً لهذا صممت أن تبحث الأمر وتدرسه من جميع الوجوه.."
ضمت تجاربها ومعرفتها هذه بخلفيتها كطبيبة وتأثرها بالتربويين المجدين لتشكل نظرية منفردة في التعليم أصبحت تعرف فيما بعد "منهج مونتيسوري" وقد توصلت في نهاية المطاف وبعد سنوات من الدراسة إلى الاعتقاد بأن :
"التربية الذاتية هي القاعدة الأساسية لكل طرق التدريس أي أن الطفل يقوم بنفسه بالعمل حسب قدرته وميوله وأخذت تدريجياً تخترع الطرق الجديدة التي تجعل الطفل يعلم نفسه."
بعد إنشاء 1907 أول مدرسة في روما ، وبحلول عام 1917 كان هناك اهتمام كبير بفلسفتها في أمريكا الشمالية نتيجة لنشر كتيب صغير بعنوان "نظام مونتيسوري .
ثم أنشئت جمعية مونتيسوري الأمريكية في 1960 ومثلها في أوروبا وبدأ في تدريب المعلمين على فلسفة مونتيسوري تحت رعاية الرابطة مونتيسوري الدولية .
نفى موسوليني مونتيسوري لرفضها "جعل الأطفال جنود" ثم انتقلت إلى إسبانيا وعاشت هناك حتى عام 1936
ثم انتقلت إلى هولندا حتى عام 1939.
في العام 1939 لبت دعوة الجمعية الثيوصوفية في الهند ودربت المئات على مبادئها وفلسفتها ؛ وضعت هذه الدورات أساسا قويا لحركة مونتيسوري في الهند.
في عام 1949 غادرت لهولندا عينت ألبرت ماكس ممثل شخصي لها للتأكيد من أن حركة مونتيسوري في الهند كانت على أساس سليم.
عاشت مونتيسوري ما تبقى من حياتها في هولندا ، التي تستضيف حاليا مقر الرابطة الدولية مونتيسوري حتى اليوم.
توفيت ماريا مونتيسوري في هولندا في 1952 ، بعد حياة حافلة خصصت لدراسة تطور الطفل وأساليب تعليمه.
منهج مونتيسوري
وتعتبر أفكار مونتيسوري هي مزيج متوازن بين العقلانية والعملية ومن خلال البيئة المعدة توجد هناك إمكانية التحكم فيما يتعمله الطفل ومن خلالها يكون هناك إمكانية تقديم بعض المعرفة ومن ناحية أخرى تمكنت من خلال الأدوات التعليمية أن تقدم للطفل المعرفة عن طريق حواسه واكتسبت كذلك أفكار أخرى من الحركة التقدمية مثل حرية الاختيار والحركة ودور المعلم في عدم التدخل وفي قيامه بالقيادة نحو التعلم وليس التقليد المباشر.
شملت أدوات مونتيسوري :
· اكتساب انتباه واهتمام الطفل
· تسهيل عدد الاستجابات التي يتعين على الطفل عملها
· المحافظة على اهتمام الطفل من خلال تشجيعه
· تزويد الطفل بمعلومات حول النقاط الأساسية لتمكين الطفل من معرفة ما يجب عمله
· توفير نموذج للمهمة.
ومن الأسس المعتمدة لنظرياتها :
1. اجراء المقابلات على الأطفال والمراهقين لتحديد الفترات الحساسة للتنمية والتعلم والتي يكونوا فيها في أوج استعدادهم للتعلم الذاتي مع قليل من التوجيه .
2. تهيئة بيئة مصغرة لما سيواجه الطفل في حياته عند تعليمه والتركيز على ذاتية التعلم والتشغيل .
3. مراقبة الطفل في بيئة أعدت كأساس لتطوير المناهج الدراسية الجارية (وفيه يتم عرض التدريبات اللاحقة لتنمية المهارات وتراكم المعلومات).
4. إنشاء جداول للفترات الحساسة لتعلم الطفل والمراهق والتركيز على العمل وتحفيز التعلم لتطوير اللغة والتجارب الحسية وصقل مهارات التفاعل الاجتماعي.
5. استثمار الفترات الحساسة لتعلم الطفل التي تتميز بقدرتهم على تكرار الأنشطة (مثال : حصرية الهذيان وممارسة اللغة التي تؤدي إلى كفاءة لغوية).
6. تشجيع التصحيح الذاتي للتعلم عند الأطفال .
لاحقاً استخلصت عدة مباديء هامة لتعلم الأطفال وفق منهجية مونتيسوري
1. لم يعد من الممكن نقل التعليم من المعرفة فقط ، بل يجب السعي الى الافراج عن الإمكانات البشرية".
2. التركيز على "اكتشاف الطفل " لإيجاد حل لمشاكله ، ولتطوير إمكاناته الشخصية كإنسان في أثناء تشكيلها ".
3. يعزز التعليم عند مونتيسوري المهارات الاجتماعية والمهارات الأكاديمية على حد سواء.
وهكذا ولدت بيوت الأطفال في عام 1906 في حين أن رياض الأطفال ولدت مع فروبل عام 1840 م. رشحت لجائزة نوبل للسلام ثلاث مرات.
بيوت الأطفال و أسلوب منتيسوري
"اكتشفت منتيسوري أن التعليم ليست مسؤولية المعلمة لكنه عملية طبيعية تتطور تلقائيا في الإنسان، والتعلم عبارة عن مجموعة من الخبرات التي يصادفها في بيئته"
فالطفل يستوعب الكثير من الأمور من خلال الاستيعاب الحسي لمحيطه بحيث
يشكل الطفل نفسه وشخصيته وينمّى عقله وذاكرته وقدرته على الفهم والتفكير في الانطباعات التي اكتسبها من بيئته.
يشعر الطفل في بيئة المونتيسوري أنه في منزله وهذا ربما ما يجعل الحضانة تختلف عن الحضانات الأخرى فهو يتعلم دون أن يشعر بأنه في جو دراسي.
المبادئ الرئيسية لأسلوب تعليم المونتيسوري
1. الاستقلالية والحرية: "ساعدني لأنجز العمل بنفسي" فالمعلمة تساعد وتحفز متى ما استرعى الأمر.
2. أنشطة تلقائية: الأطفال نشطين بطبيعتهم ويرغبون في التعلم، وما يتعلمونه والطريقة التي يتعلمون بها تعتمد على العمر والاهتمام والفترات الحساسة والبيئة.
3. الملاحظة: متابعة تطور نمو الطفل.
4. تطوير المهارات الاجتماعية: احترام الأطفال بعضهم البعض، الرعاية وتقديم المساعدة وذلك يتحقق في هذا النوع من الفصول التي يختلط فيها الطفل مع أطفال من أعمار مختلفة (فالصغار يتعلمون من الكبار والكبار يقدمون المساعدة للصغار) مما يساعد على النمو الاجتماعي الصحي.
5. أدوات المونتيسوري: تساعد الطفل على التطور وتتيح الفرصة ليعمل الطفل باستقلالية وتضمن تقدمة.
يتألف نظام المونتيسوري من الآتي:
- الحياة العملية
- الحياة الحسية
- اللغة
- الرياضيات
- العلوم
- الجغرافيا
- الرسم (الفن)
خصائص فصل مونتيسوري :
1. كل شيء في متناول الطفل بحيث تكون الأرفف مفتوحة ومنخفضة كما أن هناك مغسلة ومرحاض بحجم الطفل مما يمنحه الحرية البدنية ويساعده على تحقيق الاستقلالية. الفصل مصمم لينال إعجاب الطفل فكل شيء فيه يلائم حجم الطفل.
2. الفصل موزع على أركان:
ركن تدريبات الحياة العملية؛
ركن التدريبات الحسية؛
ركن اللغة (يحتوي على الكتب وأدوات القراءة والكتابة الأخرى بالإضافة إلى مواد بيئية وثقافية وهناك ركن هادئ مزود بالوسادات المريحة والكراسي المنخفضة يرتاح فيه الطفل ويمكنه الإطلاع على الكتب المصورة؛ يوجد مكان مخصص لكل طفل جارور لوضع حاجياته الخاصة.
تنتبه المعلمة لبيئة الطفل وما يكتسبه عبر حواسه الخمس (ما سيراه ويحسه ويشمه ويتذوقه) ومن ثم يتم إدخال مواد للتطوير الفكري بالتدريج حينما يكون الطفل مهيئا.
تلك المواد مصنفة بشكل جيد وجذاب ومثير للاهتمام وهي تعمل على مساعدة الطفل في التعلم وتقدم التحديات كما أنها تساعد الطفل على تطوير مهاراته وحل المشكلات.
يتم أيضا تمثيل الطبيعة داخل وخارج الفصل :
o داخل الفصل: يتم عرض مواد من الطبيعة حسب موضوع الأسبوع (الرمل والمياه والنباتات الخ).
o أما خارج الفصل: فهناك حظيرة تحتوي على حيوانات أليفة مثل الأرانب والبط والدجاج، وذلك لغرس قيم ديننا الحنيف بتعليم الطفل العناية بالحيوانات والرحمة بها مما يساعد على تطويره من الناحية الروحانية.
ويخصص لكل طفل قطعة أرض في الحديقة ليمارس أنشطة الزراعة ليرى أمام ناظريه مرحلة نمو النبات ويمكنه بالتالي استيعاب فكرة النمو عموماً ونموه هو على وجه الخصوص.
خلال فترة تواجد الطفل في الفصل يتم تشجيعه على التحرك بحرية وإقامة صداقاته باختياره.
مؤلفاتها
· من الطفولة إلى المراهقة.
· المرشد في تعليم الصغار.
· التربية من أجل عالم جديد.
· التعليم من أجل السلام.
· العقل المستوعب.
· الطفل في الأسرة.
· القوة الإنسانية الكامنة.
· اكتشاف الطفل.
· سر الطفولة.
· طريقه مونتيسوري المتقدمة.
· المرجع : الموسوعة الحرة ويكيبيديا بتصرف والفيس بوك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق