تتنوع بيئات التعليم ، فهناك البيئة الاجتماعية ، والبيئة العاطفية والبيئة التعليمية .
أولاً : البيئة الاجتماعية Social Environment
العملية التعليمية عملية اجتماعية ، إذ تعتمد بشكل كبير على التفاعلات الشخصية . فأول الأشياء التي يتعلّمها الطفل في المدرسة أن الفرد يجب أن يوفر أسباب الراحة للمجموعة . وفي هذه البيئة الاجتماعية ، تتغير السلوكات ، ويحدث التعلّم ، ويصبح هناك تغيير . وتوفر المدارس مصدراً اجتماعياً في أن يحدث التعلّم على عاتقها .
ورغم أن المدارس موجودة من أجل الطلاب ، إلاّ أن حضور الطلاب وغيرهم إلى المدارس هو الذي يجعل منها مؤسسات تقوم لما جعلت من أجله . ويتطور كل من الطلاب والمدرسة نتيجة للتفاعلات الاجتماعية .
ثانياً : البيئة العاطفية Affective Environment
التعليم مهنة مفيدة ، فالناس الذين يدخلون المدارس يميلون للقيام بعملية التعلّم لأسباب غير ذاتية ، وهذا البعد لمهنة التعليم ، أي الاهتمام بالآخرين ، يضيف عنصراً إنسانياً للمباني العامة فالأصل في التفاعلات بين المعلمين والطلاب أن تشكّل روابط من الثقة والدعم المتبادل ، عندما يصبح الاهتمام جزءاً من المؤسسة التنظيمية .
إن المدارس يجب أن تلتزم أخلاقياً بتعليم القيم والأخلاق والاستقامة وذلك من خلال جعل مجتمع المدرسة مجتمعاً حوارياً ، بحيث يستمتع الطلاب فيها دوت خوف . فالتعلّم ليس مجرد نقل المعرفة ، فالمدارس لديها مسؤولية واهتمام في مساعدة الأطفال على تطوير أفراد لديهم انضباط ذاتي ، يحملون أفكار واتجاهات إيجابية .
ثالثاً : البيئة التعليمية Teaching Environment
ما الذي يشكّل البيئة التعليمية في أي مدرسة ؟ إن الإجابة على هذا السؤال تعتمد على الفلسفة التربوية . فالمدارس تعلّم الأساسيات من قراءة ورياضيات وعلوم وتاريخ وجغرافيا ، وما تزال هذه الأساسيات جوهر العملية الأكاديمية ، لكن برز الآن أهمية التربية الصحية والمهارات الحياتية ومهارات القيادة ، إلى جانب مجموعة أخرى من المهارات الاجتماعية والسلوكية ، وهذا هو الترتيب المعقد الذي نسميه المنهاج .
العناصر الإيجابية والسلبية في بيئة التعلّم :
في الكثير من بيوتنا فإننا ومن غير قصد لا نشجع التعلّم وتطور أطفالنا . علماً بأنه من الضروري استغلال التقنيات التي تلائم مهارات التعليم الفريدة للطفل ، فإن لغالبية أطفالنا تمثل بيئة التعلّم العامل الأهم في تحديد مدى وكيفية تعلّمهم .
إن درجة ما يتعلّمه أطفالنا هو انعكاس لمدى حبهم للتعلّم ، كما أن مدى حبهم للتعلّم يرتبط بشكل وثيق بمدى معرفتهم وإدراكهم لأنفسهم . إننا جميعاً نحب القيام بأشياء نتقن أداءها ، وإذا أعطي لنا الخيار فإننا كثيراً ما نتجنب أداء الأشياء التي نشعر أننا نتقنها ، إننا نحب النجاح ، كما أن النجاح يحفزنا ، فالطفل القوي يحب المصارعة بالأيدي ، والطفل السريع يحب الدخول في المسابقات ...الخ
وعندما نعرف وندرك بأننا نمتلك قدرة على القيام بشيء بشكل جيد ، فإننا نشعر بحماس كبير أثناء تنفيذ ذلك العمل ، ونريد أن نقوم بأداء الكثير من مثل هذا العمل ، وكنتيجة لذلك ، فإننا نصبح أفضل وأفضل في أدائه .
إن الأطفال الذين يتعلّمون الاستمتاع بالقراءة لن يحتاجوا إلى تقنيات خاصة للقراءة ، وإذا ما حدث شيء ، فإن مشكلتنا تصبح هي التأكد من أنهم لا يأخذون ضوءاً معهم إلى السرير من أجل القراءة وهم تحت الغطاء ، وهؤلاء الأطفال يقرأون كثيراً ، وهم متحمسون ذاتياً ، ونتيجة لذلك ، فإنهم يقرؤون بشكل جيد . وفي بيئة المنزل ، فإن تشجيع الأطفال على القراءة يعتبر العنصر الأكثر أهمية والذي يجب أخذه بالاعتبار .
إن الأطفال يتعلّمون نتيجة للمدخلات التي تتلقاها عقولهم من خلال حواسهم . كما أن ما يتعلّمونه هو انعكاس للتكرار( كم مرة ) والكثافة ( قوة المخلات )، والمدة ( مدة بقاء المخلات ) التي تتلقاها عقولهم ، وربما نستطيع أن نجعل طفلاً يبقى في مكان واحد لفترة طويلة من الوقت (مدة) وفي الأثناء نقوم بمراجعة المادة ( التكرار) أكثر من مرة ، ولكن الطفل يستطيع السيطرة على كثافة المخلات ، ويمكن تشغيل أو إطفاء الطفل ، فإذا ما تم تشغيله ، فإنه يتعلّم بشكل سريع ، أما إذا حدث العكس ، فإن عملية التعلّم لن تحدث أبداً .
انظر إلى أوجه الاختلاف ما بين الاستجابات الإيجابية والاستجابات السلبية لثلاثة أطفال من الصف الثاني بعد أن أكملوا إحدى المهام التي تتكوّن من عشرة أسئلة حسابية .
سلبية عبد الله : أنت طالب ذكي جداً ، وأتوقع منك الكثير ، لقد أخطأت اليوم في مسألة واحدة ، وعليك أن تعمل بجد أكثر وأن تكون أكثر انتباهاً في المرات القادمة .
إيجابية سارة: سارة ، هذا رائع ، لقد أجبت على تسعة أسئلة إجابة صحيحة . كم أنت ذكية ؟
سلبية سيف : لقد أخطأت في ثلاثة أسئلة ، يمكن أن تكون أفضل من هذا ، أخشى أنني لا أستطيع أن أقدم لك ملصقاً لوجه مبتسم .
إيجابية جنان : أليس ذلك رائع ، لقد أجبت على سبعة أسئلة إجابة صحيحة ، أما الأسئلة الثلاثة المتبقية فقد كانت صعبة على تلك الصفحة . سوف أوضح لك كيف يمكن حل هذه المسألة الصعبة .
سلبية وسام : هذا مرعب . لقد أجبت عن أكثر من نصف الأسئلة إجابة خاطئة . إنك لا تقوم بالمحاولة ، إنني مضطر لاستدعاء والدك .
إيجابية رهف : مرحباً رهف ، إنك تحرزي تقدماً . انظري ، لقد أجبت على هذا ، وهذا ، وهذه إجابات صحيحة . رائع . أريدك أن تراقبينني بينما أقوم بحل الأسئلة الأخرى . إنني واثق أنك سوف تحلّها بشكل صحيح في المرة القادمة .
لكن
ولخلق بيئة إيجابية ، أظهر ما يعرفه الطفل ، وما يستطيع القيام به بشكل ناجح ، وفي المقابل ، فإنه سوف يقوم بأداء المزيد ، إن المهم ما نعرفه وليس ما لا نعرفه (Robert Doman,1986) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق