2012/07/10

التعلم القائم على الدماغ …. (2) أبحاث علم الأعصاب والتعلم

images (1)

في السنوات الأخيرة بحث التربويون العلاقة بين التعليم الصفي والنظريات الجديدة حول كيفية تعلّم الناس .

وقد أظهرت الاكتشافات المثيرة في علم الأعصاب Neuroscience وتطورات علم النفس المعرفي طرقاً جديدة من التفكير فيما يتعلق بتركيب النظام العصبي لدماغ الإنسان والإدراك والعواطف التي تسهم في التعلّم .

وقد استخدمت تفسيرات كيفية عمل الدماغ استعارات تتراوح ما بين الحاسوب ( معالج المعلومات ، التشكيل ، التخزين ، والتلاعب بالبيانات ) إلى الغابة ( الفوضى ، عالم يتكوّن من عدة طبقات ، وروابط عصبية متداخلة يعتمد كل منها على الآخر ( .

وكان تحذير العلماء أن الدماغ معقد ، وكشفت الأبحاث عن بعض النتائج الهامة ، فإنه لا يوجد اتفاقاً على إمكانية تطبيقها على جميع الناس أو في مجال التعلّم بشكل خاص . ومهما يكن الأمر ، فإن الأبحاث المتعلقة بالدماغ توفر احتمالات كبيرة للتعليم . إذ تقوم الشركات التجارية بترجمة هذه النتائج إلى ورش عمل متخصصة وبرامج تعليم لمساعدة المعلّمين على تطبيق دروس من الأبحاث على جلسات تعليم صفية ،

وفيما يلي مرجعيات عدد من نماذج التعليم القائم على أبحاث الدماغ :

أولاً : فرص التعلّم Opportunities for Learning

يعتقد معظم علماء الأعصاب Neuroscientists أنه عند الولادة فإن دماغ الإنسان يضم جميع  الأعصاب التي ستدوم معه . فبعض الوصلات وخاصة التي تراقب الوظائف الأوتوماتيكية كالتنفس ونبضات القلب ، تكون موجودة عند الولادة ، ولكن معظم وصلات الدماغ لدى الأفراد تنتج عن التجارب والخبرات التي ترحب بالمولود الجديد ، وتستمر معه طوال مراحل العمر .

أما كيفية وموعد حدوث الوصلات العصبية فهي مسألة خاضعة للنقاش .

فبعض الباحثين يعتقدون بأن الدوائر العصبية ( الوصلات) تكتمل في سن الخامسة أو السادسة . وهناك دراسات أخرى تطيل فترة النمو منذ فترة الولادة وحتى أواخر مرحلة الدراسة الابتدائية .  ويشير آخرون إلى أن الترابطات العصبية Neuroconnections يمكن تعديلها طوال مراحل العمر من خلال وصلات جديدة تتشكل حتى في مرحلة متأخرة من عمر الإنسان .

وبالنسبة للتربويين الذين يؤيدون وجهة النظر الأولى ، يرون بأن زيادة البرامج والأنشطة الموجهة إلى أطفال مرحلة ما قبل المدرسة في غاية الأهمية .

ووجهة النظر الثانية تؤيد تقديم مواضيع معقدة في فترة مبكرة من المنهاج بدلاً من استخدام الطرق التقليدية .

أما الثالثة ، فهي تشجع جهود التعلّم مدى الحياة Life Long learning .

إن الروابط ما بين التعلّم وعدد الوصلات العصبية ، أو الإطار الذهني لنمو هذه الروابط غير مفهوم بشكل واضح . ففي حالة الإبصار ، تشير الأدلة على انه بعد فترة نمو حرجة يصبح البصر حاداً أو أنه يفشل .

هذه الاستنتاجات وغيرها تشجع المعلّمين والآباء على تعريض الأطفال الصغار لسلسلة من تجارب التعلّم – مثل تقديم المكعبات والأشكال الخرزية لتناولها ومشاهدتها وتفحصها ، والتحدث إلى الطفل والتحدث معه ..

إن منهاج NCTM ومعايير التقييم تشجع معلمات دور الحضانة على السماح للطلبة على العمل مع الأنماط ، التصنيف ، العدد . وأن من الضروري تشجيع الأطفال على المشاركة في مناقشات حول هذه الأنماط ، وإعطاء بيانات وتحليلات ، وتسلسل منطقي لها ، إضافة إلى تكوين الإحساس بالأرقام لديهم . كما أن إدخال لغة ثانية يكون بأفضل حالات نجاحه في السنوات الأولى من العمر .ويرى بعض الباحثين أن السنة الأولى من الحياة على أنها أفضل " نافذة للفرص" لتسريع التعلّم .

ثانياً : العواطف والدماغ Emotions & the Mind 

ربما يجد التربويين أن أفضل المعلومات المفيدة في الأبحاث هي تلك التي تركز بشكل أقل على البنية الفيزيائية والكيميائية العضوية للدماغ ، وبشكل آخر على مزج الدماغ المعقد للأفكار والإدراكات والمشاعر والتعليلات . إلاّ أن الدراسات التي تبحث في تأثير العواطف على التعلّم تشير إلى أن التوتر والخوف المتواصل في أي عمر ، يمكن أن يقلل من وصلات الدماغ الطبيعية .

إن قدرات الشخص الجسمية والعاطفية ترتبط بشكل وثيق بالقدرة على التفكير والتعلّم بكفاءة ، وان البيئات المحبطة عاطفياً في المدرسة كانت أم في الأسرة تقلل من نتاجات محاولات الطلبة للتعلّم ، وبينما لا تستطيع المدارس السيطرة على جميع المؤثرات التي تحد من شعور شخص صغير بالأمان والعيش الكريم ، فإن المدارس وغرف الصفوف التي تبني جواً من الثقة والأمان ، فإنها تعمل على تعزيز عملية التعلّم .

كما أن إعطاء الطلبة فرصاً للتعبير عن مشاعرهم يمكن أن يساعدهم على بناء مهارات الاستماع إلى زملائهم وملاحظاتهم ، إضافة إلى ذلك ، فإن إيجاد وتوفير طرق للتعبير عن العواطف يساعد الطلبة على التعامل مع حالات الغضب ، والخوف والتوتر في الحياة اليومية ومواقفها .

ثالثاً : الذكاءات المتعددة والدماغ Multiple Intelligences

هناك تفسير شائع آخر للأبحاث حول التعلّم البشري ، يعتمد على نظرية جاردنر في الذكاءات المتعددة . حيث أشار إلى الذكاء اللغوي/اللفظي ، الرياضي ، الموسيقي ، المكاني ، الشخصي ، البنشخصي ، والوجودي والطبيعي .

وقد تم تبني وتحويل نظرية جاردنر إلى تفسيرات منهجية ، وهناك الكثير من المعلّمين الذين كثيراً ما يتجاوبون مع مفهوم أن الطلبة يتعلمون من خلال طرق عديدة ، كما يعتقدون بأن غرفة الصف التي توفر سلسلة فرص التعلّم تضاعف رغبة الطلاب بالنجاح . ( هناك عرض موسع للذكاءات المتعددة في فصل الذكاء وتطبيقاته التربوية (

رابعاً : بيئات التعلّم Environments for Learning

إن طرق التعليم التي يوصى باستخدامها ، تتكوّن أساساً من محاولة الحفاظ على جو يتوفر فيه الاسترخاء يوفر خيارات لتعلّم الأفراد وبطرق يكونون هم راضون عنها . إن المناهج القديمة نظرت إلى الطلاب على انهم يشبهون الأحواض الفارغة Empty Vessels تنتظر من يقوم بملئها بالمعرفة ، وبذلك وفرت تبريراً للبنائيين Constructivist ليعتقدوا بأن الطلبة وبشكل مستمر يبنون مفاهيم تعتمد على خبراتهم السابقة والمعلومات الجديدة .

أما جيرالد إدلمان Grald Edelman رئيس وحدة الأعصاب الحيوية في معهد Scripts للأبحاث ( الحاصل على جائزة نوبل سنة 1972) فإنه يعرض وجهة نظر عن الدماغ يمكنها أن تؤثر في مستقبل غرفة الصف . ويعتبر إدلمان أن الدماغ يشبه غابة تتفاعل فيها الأنظمة بشكل مستمر وموضوعي ، ويشير إلى أن المتعلّمين قد يعيشون في بيئة توفر الكثير من طبقات المشكلات الحسية والثقافية . وتشير أيضاً هذه الأفكار إلى أن الطلبة يمتلكون قدرات التعلّم والفهم والنمو . فإذا ما توفرت حول الطلبة أشكال من فرص التعليم ، فإنهم سوف يشكّلون الروابط من أجل التعلّم.

نتائج أبحاث علم الأعصاب التي ساهمت في ظهور نظرية التعلّم القائم على الدماغ :

لقد كشفت الأبحاث العلمية الكثير من أسرار الدماغ البشري ، مما دفع بظهور النظرية ، ومن بين هذه الاكتشافات :

1. إن دماغ كل إنسان سليم يحتوي على واحد تريليون خلية دماغية ، بما فيها مائة بليون خلية عصبية نشيطة و 900 بليون خلية أخرى تغذي وتساند الخلايا النشيطة .

2. أن كل الخلايا النشيطة يمكن أن تنمو بمعدل 20 ديندرايت Dendrites ( تشعبات الخلايا العصبية ) ، لكي تخزن المعلومات بما يشبه فروع الشجرة .

3. في الأيام الأولى من الولادة ، يستطيع دماغ الطفل أن يكوّن روابط تعلّمية جديدة بمعدل مذهل يصل إلى 3 بليون في الثانية . وتعتبر تلك الروابط العنصر الرئيس في قوة دماغ الإنسان .

4. يمتلك كل واحد منا أربعة أدمغة في دماغ واحد ، دماغ  فطري ، ودماغ عاطفي ، ودماغ للتوازن ، ومخيخ بشري عالي التطور ( النمو ) .

5. تحتوي قشرة المخيخ على جانبين :

أ‌- الجانب الأيسر " الدماغ الأكاديمي " .

ب‌- الجانب الأيمن " الدماغ الإبداعي " .

6. يرتبط كل جانب بطبقة Callosum  ترسل ( تنقل) ملايين الرسائل في كل ثانية ما بين الجانبين ايسر والأيمن . وكلما  زاد استخدام كلا الجانبين معاً ، كلما  زادت القدرة على التعلّم بسهولة .

7. يمتلك دماغ الإنسان الكثير من " مراكز الذكاء" المختلفة ، ويستطيع كل منا أن يطوّر هذه " الذكاءات المتعددة" لكي يشكل قدرات طبيعية وتقوية نقاط الضعف لديه .
كل دماغ يعمل على الأقل على أربع أطوال موجات منفصلة ، الموجة الواسعة ( بيتا ) فهي التي نستخدمها بشكل أكثر فعالية عندما نستخدم معلومات نعرفها ( مثل قيادة سيارة أو التحدث بلغة نتقنها ) . أما موجة ( ألفا) فهي موجة " الانتباه المسترخي " وهي بشكل عام الأفضل لتعلّم معلومات جديدة بشكل سريع .

8. إن كل منا يقوم باستخدام جزء بسيط/ضئيل من قدراته الدماغية .

9. الطاقة للتعلّم :

يعتبر الدماغ غير فعّال من ناحية الطاقة ، فهو يشكّل 2% من وزن جسم الإنسان الراشد ، ولكن يستهلك حوالي 20% من طاقة الجسم . كيف يحصل الدماغ على طاقته للتعلّم ؟ إن مصدره الرئيس هو الدم الذي يزوده بعناصر غذائية مثل الجلوكوز ، البروتين ، والعناصر الكيماوية والأكسجين . يحصل الدماغ على حوالي 8 جالونات من الدم كل ساعة ، أي ما يقارب 198 جالوناً في اليوم ، إضافة إلى ذلك ، يوفر الماء التوازن الإلكتروليتي لقيام الجسم بوظائفه بشكل مناسب . ويحتاج الدماغ إلى 8-12 كوباً من الماء في اليوم للعمل على النحو المثل . ويعتبر نقص الماء مشكلة عامة في الصفوف المدرسية ، مما يؤدي إلى الكسل والبلادة وضعف التعلّم (Hanna Ford,1995) .وهذا يؤكد أن الأنظمة الغذائية الجيدة تساعد التعلّم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق