2010/07/24

أقبلت يا رمضان ..... فتداعت الذاكرة بالشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- ...


كتب . عبدالله القرزعي -

من منا لا يعرف الشيخ الجليل علي الطنطاوي - رحمه الله –
الذي أحبه الصغار والكبار على حد سواء ...
سيرة عطاء وتضحية ؛ وعلم وعمل ؛ جهاد وكفاح ؛ وغرس قيم وتأصيل عادات ...
ويكفي شيخنا الوقور ارتباط ذكراه بشهر رمضان الفضيل ؛ فقد كان يطل على المستمعين والمشاهدين وهم ( على مائدة الإفطار ) بأحاديث هي للقلب أقرب وللواقع أصدق ...

كان رحمه الله يرسل القيم الواحدة تلو الأخرى بتلقائيته وبساطته وتواضعه الجم ؛ حتى تشعر وكأنه أحد أفراد أسرتك وكأنه يوجه الحديث لك شخصياً ...

وفي أحاديثه يجمع بين الشرع والتفسير والسيرة والفقه والعقيدة والتأريخ والذكريات والتجارب ويربطها بالواقع وما يجب .... مؤصلاً بذلك عادات يحتاجها كافة أطياف المجتمع ....

ومن فيض علمه وتجاربه وحكمته لم يكن بائناً عنده تخصص محدد فله في كل علم فن ؛ وما أن يتحدث عن الشرع إلا وتجده عالماً به سواءً الفقه أو الحديث أو التفسير ... وآية رحمه الله في اللغة العربية والسيرة والتاريخ ....

الشيخ علي مصطفى الطنطاوي وفق وكيبيديا
• ولد في دمشق بسوريا عام 1327 هـ والده الشيخ مصطفى مفتي دمشق وخاله محب الدين الخطيب الداعية الكبير. .
• نال البكالوريا (الثانوية العامة) 1928 من "مكتب عنبر" .
• نال الليسانس (البكالوريوس) سنة 1933 من جامعة دمشق .

في الصحافة
• نشر علي الطنطاوي أول مقالة له في جريدة عامة (وهي "المقتبس") في عام 1926، وكان في السابعة عشرة من عمره.
• كان مدير تحرير جريدة "الأيام" بسوريا التي أصدرتها الكتلة الوطنية سنة 1931 ورأس تحريرها الأستاذ الكبير عارف النكدي، وله فيها كتابات وطنية كثيرة.
• خلال ذلك كان يكتب في "الناقد" و"الشعب" وسواهما من الصحف.
• في سنة 1933 أنشأ الزيات المجلة الكبرى، "الرسالة"، فكان الطنطاوي واحداً من كتّابها واستمر فيها عشرين سنة إلى أن احتجبت سنة 1953.
• كتب -بالإضافة إلى كل ذلك- سنوات في مجلة "المسلمون"، وفي جريدتي "الأيام و"النصر"، وحين انتقل إلى المملكة نشر في مجلة "الحج" في مكة وفي جريدة "المدينة"، وأخيراً نشر ذكرياته في "الشرق الأوسط" على مدى نحو من خمس سنين. وله مقالات متناثرة في عشرات من الصحف والمجلات التي كان يعجز -هو نفسه- عن حصرها وتذكر أسمائها.

في التعليم
• بدأ علي الطنطاوي بالتعليم ولمّا يَزَلْ طالباً في المرحلة الثانوية، حيث درّس في بعض المدارس الأهلية بالشام وهو في السابعة عشرة من عمره (في عام 1345 هجرية)
• بعد ذلك صار معلماً ابتدائياً في مدارس الحكومة سنة 1931 حين أغلقت السلطات جريدة "الأيام" التي كان يعمل مديراً لتحريرها، وبقي في التعليم الابتدائي إلى سنة 1935.
• انتقل إلى العراق في عام 1936 ليعمل مدرّساً في الثانوية المركزية في بغداد، ثم في ثانويتها الغربية ودار العلوم الشرعية في الأعظمية (التي صارت كلية الشريعة) ثم علّم في كركوك في و البصرة .بقي علي الطنطاوي يدرّس في العراق حتى عام 1939
• درس سنة واحدة أمضاها في بيروت مدرّساً في الكلية الشرعية فيها عام 1937
• ثم رجع إلى دمشق فعُيِّن أستاذاً معاوناً في مكتب عنبر (الذي صار يُدعى "مدرسة التجهيز"، وهي الثانوية الرسمية حينئذ بالشام)

في القضاء وأنظمته ومناهج التعليم
• عمل قاضياً في النَّبْك وهي بلدة في جبال لبنان الشرقية، بين دمشق وحمص) ثم في دوما (من قرى دمشق)، ثم انتقل إلى دمشق فصار القاضي الممتاز فيها، وأمضى في هذا المنصب عشر سنوات، من سنة 1943 إلى سنة 1953، حين نُقل مستشاراً لمحكمة النقض، فمستشاراً لمحكمة النقض في الشام، ثم مستشاراً لمحكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة مع مصر.
• اقترح -لمّا كان قاضياً في دوما- وضع قانون كامل للأحوال الشخصية، فكُلِّف بذلك عام 1947 وأوفد إلى مصر مع عضو محكمة الاستئناف الأستاذ نهاد القاسم (الذي صار وزيراً للعدل أيام الوحدة) فأمضيا تلك السنة كلها هناك، وقد أعد هو مشروع قانون الأحوال الشخصية كله وصار هذا المشروع أساساً للقانون الحالي وأُشير إلى ذلك في مذكرته الإيضاحية.
• كان القانون يخوّل القاضي الشرعي في دمشق رياسة مجلس الأوقاف وعمدة الثانويات الشرعية، فصار علي الطنطاوي مسؤولاً عن ذلك كله خلال العشر السنين التي أمضاها في قضاء دمشق، فقرّر أنظمة الامتحانات في الثانويات الشرعية، وكانت له يدٌ في تعديل قانون الأوقاف ومنهج الثانويات.
• كُلف عام 1960 بوضع مناهج الدروس فيها فوضعها وحده -بعدما سافر إلى مصر واجتمع فيها بالقائمين على إدارة التعليم في الأزهر- واعتُمدت كما وضعها.

في السعودية
• في عام 1963 سافر علي الطنطاوي إلى الرياض مدرّساً في "الكليات والمعاهد" (وكان هذا هو الاسم الذي يُطلَق على كلّيتَي الشريعة واللغة العربية، وقد صارت من بعد جامعة الإمام محمد بن سعود
• نهاية السنة عاد إلى دمشق لإجراء عملية جراحية بسبب حصاة في الكلية .
• انتقل علي الطنطاوي إلى مكة ليمضي فيها (وفي جدّة) خمساً وثلاثين سنة، فأقام في أجياد مجاوراً للحرم إحدى وعشرين سنة (من عام 1964 إلى عام 1985)، ثم انتقل إلى العزيزية (في طرف مكة من جهة منى) فسكنها سبع سنوات، ثم إلى جدة فأقام فيها حتى وفاته في عام 1999.
• بدأ علي الطنطاوي هذه المرحلة الجديدة من حياته بالتدريس في كلية التربية بمكة.
• كُلف بتنفيذ برنامج للتوعية الإسلامية فترك الكلية وراح يطوف على الجامعات والمعاهد والمدارس في أنحاء المملكة لإلقاء الدروس والمحاضرات، وتفرَّغَ للفتوى يجيب عن أسئلة وفتاوى الناس في الحرم -في مجلس له هناك- أو في بيته ساعات كل يوم.
• ثم بدأ برنامجيه: "مسائل ومشكلات" في الإذاعة و"نور وهداية" في الرائي (والرائي هو الاسم الذي اقترحه علي الطنطاوي للتلفزيون) الذين قُدر لهما أن يكونا أطول البرامج عمراً في تاريخ إذاعة المملكة ورائيها، بالإضافة إلى برنامجه الأشهر "على مائدة الإفطار".

شيخوخته ووفاته
آثر علي الطنطاوي ترك الإذاعة والرائي حينما بلغ الثمانين، فقد كبر وما عاد يقوى على العمل.
وكان -قبل ذلك- قد لبث نحو خمس سنين ينشر ذكرياته في الصحف، حلقةً كل يوم خميس، فلما صار كذلك وقَفَ نشرَها (وكانت قد قاربت مئتين وخمسين حلقة) وودّع القرّاء فقال: "لقد عزمت على أن أطوي أوراقي، وأمسح قلمي، وآوي إلى عزلة فكرية كالعزلة المادية التي أعيشها من سنين، فلا أكاد أخرج من بيتي، ولا أكاد ألقى أحداً من رفاقي وصحبي".

ثم أغلق عليه باب بيته واعتزل الناس إلا قليلاً من المقربين يأتونه في معظم الليالي زائرين، فصار ذلك له مجلساً يطل من خلاله على الدنيا، وصار منتدى أدبياً وعلمياً تُبحث فيه مسائل العلم والفقه واللغة والأدب والتاريخ، وأكرمه الله فحفظ عليه توقّد ذهنه ووعاء ذاكرته حتى آخر يوم في حياته، حتى إنه كان قادراً على استرجاع المسائل والأحكام بأحسن مما يستطيعه كثير من الشبان.
ثم ضعف قلبه في آخر عمره فأُدخل المستشفى مرات وفاضت روحه -عليها رحمة الله- بعد عشاء يوم الجمعة، 18 حزيران عام 1999م الموافق 4 ربيع الأول 1420 هـ، في قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فهد بجدة، ودُفن في تحويل مكة في اليوم التالي بعدما صُلّي عليه في الحرم المكي الشريف.

حقاً إنها (تجربة حياة) ونموذجاً يستحق أن ننهل منه ومن تجاربه الكثير.
اللهم ارحمه واجعله في عليين مع الصديقين والصالحين برحمتك يا أرحم الراحمين ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق