2010/07/26

أمتي الخالدة ... وطني الكبير.... وانتماء الناشئة


كتب . عبدالله القرزعي -

منذ أن كنا صغاراً ونحن نُعلم إن في أسرنا أو مدارسنا على أن الأمة الإسلامية والوطن العربي الكبير .. بمثابة الأم الرؤوم ...
وسواءً تشربنا تلك القيمة الهامة أم لا ... فهي جزء لا يتجزأ من تكوين شخصياتنا إذ بها ومنها :
• ولدت انتماءاتنا
• وتشكلت قيمنا
• وتكونت معتقداتنا
• ومارسنا أنماط سلوكنا ...
وأياً كانت المواقف التي تحكم انتماءات بعضنا ؛ فالمهم أن يكون هناك انتماء لنعيش ونتعايش ونحيا في هذه الحياة ...
وبعكس من سيطرت عليه المواقف وفقد أو أُفقد الانتماء للأمة والوطن ... فهو يعيش مدارج التيه ومسالك الظلام ؛ فالحياة لدية بلا طعم ولا لون ولا رائحة ... والرؤية ضبابية أو قاتمة لكل ما حوله!!
لا أعرف لما يصر البعض على تعميم مواقفه وتجاربه الشخصية السلبية والمتشائمة ؛ ويعمد إلى نقلها للأخرين وإقناعهم بها ...
وفي المقابل قلة من هم يعملون على نقل الصور والمواقف الإيجابية ؛ لتكون الصورة باهية والحياة زاهية والأمل يلوح بالأفق ....

ومعلوم أن كل منا يواجه مواقف في حياته بيد أننا ننقسم في ردة الفعل غالباً لقسمين رئيسيين :
1. يستخدم الموضوعية ولا يعطي الأمور أكبر من حجمها ولا يعمم :
ومن ذلك حدوث موقف له في بلد ما ؛ أو مع شخص من جنسية ما أو فئة ...
البعض تكون ردة فعله متوازنة ويعرف أن الخير كما الشر لا عنوان له ولا جنس ولا جنسية ولا لون ولا مكان ... وعليه يعمد إلى إطلاق حكم فردي ؛ ما يجعل الأمل في قلبه كائن ؛ والتفاؤل في فؤاده يلوح ؛ والحياة تأخذ معنى الاستمرار ...
2. يستخدم الشخصية ؛ ويعطي الأمور أكبر مما تستحق ؛ ويعمم :
وهؤلاء إن حدث لهم موقف ما سواء في مكان ما أو من جنسية معينة أو فئة ؛ فإنه يثور كالبركان ويكره كل من في المكان وكل منتمي لتلك الجنسية أو تلك الفئة ..
بل أن الأمر يتعدى حدود المعقول ويجتهد في تعميماته وإقناع الأخرين بأنه وحده يملك الحقيقة المطلقة !!

كل ما سبق يقودنا إلى حاجة وقيمة (الانتماء) وأهمية تنشئة أجيالنا وتربيتهم على طريق الحق ليسعدوا في دنياهم ؛ وليهنئوا في عيشهم ومن ذلك :
• تربيتهم على لغة الحب والاحترام .
• تربيتهم على الإخاء والصفاء والنقاء.
• تنمية عقولهم في التمييز بين الشر والخير وعدم ربطه بمكان أو جنس أو لون أو فئة من الناس ....
• تدريبهم على التواصل وحسن الظن بالأخرين ؛ والتعايش إن لم نتفق معهم .
• تدريبهم على حفظ حقوق الأخرين قبل المطالبة بحقوقهم.
• غرس حاجة "الانتماء" وتقديرها فمن لا انتماء له ؛ لا أهداف له ؛ ولا رسالة ولا هوية ؛ وسيكون عرضه للفتن والاستغلال ....
• غرس حب الأخرين أياً كانت أوطانهم العربية أو الإسلامية.
• غرس احترام البشر دون الولاء لمن ليس على ديننا ؛ والتعايش والتزام السلوك الإسلامي القويم لترغيبهم في الإسلام ؛ كما في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته ومن تبعهم ...
• العمل على تأصيل قيمهم وعروبتهم وعقيدتهم ليكونوا مؤثرين لا متأثرين .
• ربطهم وتعزيز انتماءاتهم لعروبتهم ودينهم القويم من خلال ما تحمله من معان جميلة "دون ربطها بالأشخاص" فالأشخاص زائلون والقيم باقية ؛ عدا ما نص عليه عز وجل في كتابة الكريم ...
قال تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب : 21]
وقال عز وجل : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [الممتحنة : 6]
• تربيتهم على عدم الاستسلام للشر وإن كان واقعاً سائداً (فكل إناء بما فيه ينضح) ؛ والله عز وجل يقول : (قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة : 100]
وقال جل شأنه : (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [الأنفال : 37]

وكل ما سبق يلزم أن يكون المربي قدوة فيه ؛ وهنا أنبه إلى أن سلوك المربي (غير المقصود) يغرس القيم أكثر من السلوك (المقصود) عليه يجب أن يتحلى المربي والدين أو معلمين وغيرهم بما يلي :
• عدم تصنيف الأماكن والناس وإطلاق الأحكام والتعميمات عليهم.
• عدم النبذ والإقصاء لفئة معينة من الناس بسبب موقف أو ثقافة سائدة.
• عدم تربيتهم على أن هذه الحياة بكل ما فيها شر يتربص بنا !!!
• التشاؤم والسلبية والكذب والغضب والإقصاء والكره والكيد والحقد والانتقام وسوء الخلق ... صور وإن كانت من الواقع فيجب علينا تزويد النشء كيف يتعامل معها ويتحصن ضدها ؛ لا كيف يكتسبها ويعمل بها !!!
• من كره الناس وشعر تجاههم بعدم الأمن ... كره المكان والزمان ؛ ومن أحبهم واتفق أو تعايش على الأقل عاش بقلب سليم...

كم وكم .... يؤسفني أن أرى بعض الناس قد أرهقتهم احباطاتهم وكونت لديهم القلق انتقالاً للاكتئاب وأمراض نفسية أكثر تقدماً ... ففقدوا أنفسهم وفقدهم الوطن والأمة ...
لا لشيء ... وإنما لإيمانهم بنظرية (المؤامرة) وتربيتهم عليها ....
ما جعلهم غير قادرين على مكابدة بعض العوائق والصعاب ؛ بسبب عدم تأصيل تربيتهم أن الأصل في هذه الدنيا المكابدة قال تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) [البلد : 4]

إن من يغرسون في أبنائهم
• لغة الحب
• وقيمة (الانتماء)
• وأهمية التفاؤل والإيجاب ....
إنما يحصنونهم
• لمكابدة هذه الحياة
• وقبولها بحلوها ومرها
• والإيمان بالقدر خيره وشره
• وحق التوكل على الله
فهل إلى ذلك من سبيل ....

والله الموفق ؛؛؛

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق