2010/07/30

جدتي ... ختام حياة أنشده


كتب . عبدالله القرزعي -

منذ أن أبصرت عيناي النور في هذه الحياة كنت أراها قائمة ساجدة راكعة لربها لا تفارق سجادة صلاتها ؛ ولا يكاد يفارق ذكر الله والاستغفار لسانها ؛ يتهلل وجهها بشراً وضياء ؛ كثيرة الذكر والدعاء للصغير والكبير ...

تلك هي جدتي والدة أبي ميثاء بنت إبراهيم السند –رحمها الله- التي رزقت بإرث قليل من أبيها عبارة عن قطعة أرض في حي "جليدانة" في محافظة عنيزة ...

لم تتوان –رحمها الله- في إعلان هدفها الجميل وهو (بناء مسجد) على تلك الأرض ؛ وهي كل ما تملك في هذه الحياة ...
ناشدت بعد الله عز وجل جدي - رحمه الله- الذي عمل مرشداً دينياً في قاعدة الخرج أن يحقق حلمها فباركها وبارك أملها ....
ثم رأت في أخي الأكبر عبدالعزيز الكبير في عطاءاته أن يترجم حلمها إلى واقع ...
فانبرى لها –أبا علي- ملبياً وبدأ بالفعل إنشاء المسجد الذي كانت تكاليفه تفوق ما كانت تملك !!! وقد كانت تردد أن الله عز وجل نعم الخالق والرازق ؛ وكلما وقف العمل في بناء المسجد كانت تلجأ لبيع ممتلكاتها الشخصية من الذهب الخاص بها حتى انتهى كل ما لديها ...

توقف العمل قبل انتهاء البناء فناشد أخي عبدالعزيز مجموعة من ذويها و أهل الخير من الأقارب وقد أسهم كل بما جادت به نفسه –أسأل الله أن يكون لهم مغرماً وسعة- ...

كانت جدتي الحبيبة – رحمها الله – تتوق أن تتمكن من الصلاة في المسجد التي كانت تعتبره تتويجاً لحياتها .... وأتم الله فضله عليها وانتهى تشييد المسجد الحلم ...
وقد اصطحبها مهندس القلوب وعالي الهمة أخي عبدالعزيز إلى المسجد بعد افتتاحه وقد صلت فيه ودعت ربها أن يتقبل عملها إنه جواد كريم ...
لم يمض على أن تحقق حلمها وصلاتها في مسجدها سنة إلا وقد أفضت جدتي إلى ربها وتوفيت رحمها الله رحمة واسعة ...

جدتي الغالية ....
أي قيمة غرستها فينا ...
وأي أمل حققته ...
وأي عمل قابلتي به ربك برحمته ...

في حين يتسابق كثير من الناس لجمع المال في هذه الدنيا حتى آخر لحظة في حياته ؛ كانت جدتي تتخلص منه في طريق الخير حتى أفضت روحها إلى بارئها ... وما ورثت بعدها غير الذكر الصالح ..

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرحمها ويتقبلها ؛ وأن يبني لها بيتاً في جنة الخلد ...
وأن يرزقنا وإياكم سمو المقصد ؛ وتحقيق الأهداف التي تجعلنا نخرج من هذه الدنيا بعمل صالح برحمته ...
والله الموفق ؛؛؛

هناك 4 تعليقات:

  1. نسأل الله الكريم من فضله

    ردحذف
  2. رحمها الله واسكنها فسيح جناته ونسال الله الكريم من فضله

    ردحذف
  3. مسفرناصر القحطاني20 أغسطس 2010 في 9:17 م

    أبا علي
    عندما أقرأ مثل هذه السيرة تسري في أوصالي رعشة إجلالا وتقديرالهذه المرأة العظيمة.

    ردحذف
  4. بوركت ابا علي , على هذا الوفاء الذكر للخيرين من هذاك الجيل الطيب الطاهر.

    رحمها الله واسكنها فسيح جناته.

    اخوك خالد السلطان

    ردحذف