2014/04/18

نظرية الإرشاد العقلي الانفعالي .. إحدى نظريات التوجيه والإرشاد

 

قبل اربعة عشر قرنا عندما جاء لنبينا محمد –صلى الله عليه وسلم – شاباً

وقال له : يا محمد إئذن لي بالزنا !؟

فأجلسه الرسول بجانبه ولم يعنفه على قوله وقال له : أترضاه لأمك؟

قال لا

فقال الرسول : وكذلك الناس لايرضونه لأمهاتهم.

أترضاه لأختك ؟

فقال : لا

فقال الرسول : أيضا الناس لاترضاه لأخواتهم.

أترضاه لزوجتك ؟

فقال : لا

فقال الرسول كذلك الناس لايرضونه لزوجاتهم .

اترضاه لعمتك أترضاه لخالتك ؟

فغير الرسول – صلى الله عليه وسلم – هذه الفكرة الخاطئة بأسلوبه المقنع وبحججه الدامغة ، إذ أن فكرة الزنا مسيطرة عليه ومن الصعب إقناعه بتغيير هذه الفكرة ولكن الرسول المرشد استطاع أن يغير أفكار هذا الشاب وخرج من عنده وهو مقتنع أن الزنا حرام ولا يمكن فعله 0

يرى ألبرت أليس الذي بدأ بممارسة العلاج النفسي عام ١٩٤٣ م وسميت طريقته في الإرشاد العلاج العقلي الانفعالي أن الناس بشكل عام يملكون القدرة على أن يكونوا غير عقلانيين فهم أيضا أنفسهم يملكون القدرة على أن يكونوا أكثر عقلانية ، ومن هنا فإن أهداف هذه الطريقة تتمثل في :

مساعدة الناس لتعلم كيف يكونوا عقلانيين ، وتجنب سلوكيات دحض النفس ، واكتساب فلسفة تتميز بالمرونة والواقعية في الحياة .

كما أن الهدف الأساس من العلاج العقلي الانفعالي هو:

الحد من نظرة المسترشد الدونية لنفسه واكتساب نظرة واقعية نحو الذات والحياة .

ومن الأهداف التي يسعى المرشد لتحقيقها مع المسترشد أهمها :

1- زيادة الاهتمام بالنفس.

٢- زيادة الاهتمام بالمجتمع.

٣- الاعتماد على النفس وتوجيهها.

٤- التسامح.

٥- المرونة.

٦- تقبل مستوى مقبول من النظام.

٧- الالتزام.

٨- التفكير المنطقي العلمي.

9- تقبل النفس وتحمل المخاطر .

مبادئ نظرية العلاج العقلاني الإنفعالي :

1-إن الإنسان يولد ولديه على القدرة على التفكير العقلاني المستقيم وغير العقلاني , بمعنى أن الإنسان كائن عقلاني ولا عقلاني في آن واحد .

2- ترى هذه النظرية أن أساليب تفكيرنا ومعتقداتنا اللاعقلانية تكمن وراء اضطراباتنا النفسية .

3- أن الأفراد مهيئون بيولوجياً على أن يفكروا بطريقة ملتوية في مناسباتٍ عديدة أو أن يهزموا أنفسهم وأن يبالغوا في كل شي , وأن يشعروا بالإثارة الشديدة ويتصرفوا بغرابة لأتفه الأسباب.

4-يفترض أن هناك تفاعلاً بين تفكير الإنسان وانفعاله وسلوكه.

المفاهيم الأساسية للنظرية :

· الفكر والانفعال مترابطان ومتداخلان، ويؤثر كل منهما في الآخر،والتفكير والانفعال والسلوك أضلاع مثلث واحد تصاحب بعضها بعضاً تأثيراً وتأثراً.

· الإنسان ما بين عقلاني وغير عقلاني، والتفكير العقلاني يؤدي إلى الصحة والسعادة.

· أن الاضطرابات النفسية التي يعانيها الفرد هي نتاج أفكار ومعتقدات خاطئة وسلبية تشكل البناء المعرفي لديه.

· ينبع التفكير غير العقلاني من التعلم غير المنطقي من الوالدين والثقافة.

· يجب مهاجمة ومحاربة الأفكار اللاعقلانية لدى الفرد من خلال المناقشة والإقناع وتزويده بالأفكار العقلانية والمنطقية.

· أن الأفراد في بعض الأحيان يميلون إلى إعطاء أحكام كاذبة لنيل رضا الآخرين واستحسانهم .

· يعزو الأفراد مشكلاتهم واضطراباتهم الانفعالية إلى الآخرين وإلى الأحداث الخارجية ، ومن ثم تكون الاضطرابات الانفعالية لديهم قائمةعلى إعزاءات خاطئة.

· يميل الأفراد إلى استخدام بعض الحيل الدفاعية ضد أفكارهم وسلوكهم وذلك حفاظاً على ذواتهم، بمعنى أنهم يميلون إلى عدم الاعتراف لأنفسهم أو للآخرين بأن سلوكهم وتفكيرهم خاطئ وأكثر سلبية .

بعض الأفكار الشائعة غير العقلانية

يعتقد أليس أن معظم المشكلات التي يقع فيها الناس هي نتاج لأفكارهم اللاعقلانية والتي تعودوا عليها وتشربوها خلال تنشئتهم الاجتماعية ومن واقع الثقافة التي يعيشون فيها،

11 فكرة تؤدي إلى انتشار المشكلات النفسية وهي:

1. اعتقاد الفرد بضرورة أن يكون محبوبا ومرضيا عنه من كل شخص هام في بيئته.

2. اعتقاد الفرد أن من الضروري أن يكون كفؤا وملائما ومنجزا في جميع مجالات الحياة وأن هذا الأمر يؤدي إلى إحساسه بقيمته.

3. اعتقاد الفرد أن من الضروري لوم ومعاقبة الأشخاص السيئين والوقحين والمزعجين .

4. اعتقاد الفرد أن الأمور يجيب أن تسير حسب رغبته

5. اعتقاد الفرد بأن شقاءه وبؤسه وعدم سعادته هي نتاج للأحداث والأشخاص، ويرى أن كل ذلك خارج عن إرادته وهو غير قادر على التحكم فيه.

6. اعتقاد الفرد بأن الحالات التي تمثل خطرا عليه ينبغي الاهتمام بها والتفكير فيها باستمرار.

7. اعتقاد الفرد بأن الهروب من المواقف الصعبة وعدم تحمل المسؤولية يعتبر أفضل من مواجهتها.

8. اعتقاد الفرد بحاجته إلى الاعتماد على شخص أو أشخاص أقوى منه.

9. اعتقاد الفرد بأن الأحداث الماضية في حياته هي التي تحدد السلوك الحالي وأنه لا يمكنتغييرها.

10. اعتقاد الفرد بأن عليه أن يهتم ويحزن ويقلق من مشاكل الآخرين.

11. اعتقاد الفرد بوجود إجابات صحيحة وحلول مثلى لكل مشكلة وإلا فهي المصيبة.

هذه الأفكار لخصها أليس في :

· يجب أن يكون أدائي ممتازا على الدوام وأن أكون محبوبا من الجميع .

· يجب أن يعاملني الآخرون برفق وعدل وإن لم يفعلوا ذلك فلن أتحمل سلوكهم وسيكونوا أشخاصا سيئين

· يجب أن يتعامل العالم بشكل طيب وأن يمنحني كل شيء أريده فورا وإلا فإنه يصبح عالما كريها..

ومن الأمثلة للأفكار غير المنطقية :

· اعتقاد الفرد أنه يجب أن يكون على درجة عالية من الكفاءة 0

· أنا حظي سيء كلما ضربت طريقا لم يحالفني الحظ0

· الناس كلهم أشرار لذا يجب علي ان أبقى في بيتي ولا أتصل باحد0

· مادمت انني أصبت بهذا المرض فإن نهايتي قريبة 0

· لقد فشل زواجي ، إذن لا يوجد رجل صالح أقترن به ويستحقني فالأفضل لي أن ابقى بدون زواج 0

· الرجال كل طبعهم حد مثل أبي ، لذا فإنني لن اتزوج 0

· إذا أعتقد الشخص أنه يستطيع ان يطفيء الشمس فهو غير عقلاني وغير منطقي 0

أساليب تدخل المرشد :

لا توجد أساليب محددة لهذه الطريقة إنما تركز على :

تكوين العلاقة المهنية مع المسترشد وقيام المرشد بأخذ دور فاعل لتوجيه عملية التعلم. وتتضمن العملية الإرشادية استنادا لهذه الطريقة تعليم المسترشد لكي يفكر بطريقة أكثر عقلانية عن طريق:

1- الإقناع اللفظي بمنطق العلاج العقلاني.

٢- التعرف على الأفكار غير العقلانية لدى المسترشد من خلال مراقبة المسترشد لذاته وتزويده بردود الفعل عليها.

٣- تحد مباشر للأفكار غير العقلانية مع إعادة التفسير العقلاني المنطقي للأحداث.

٤- تكرار المقولات الذاتية العقلانية وإحلالها محل التفسيرات غير العقلانية.

٥- تكليف المسترشد بأداء سلوكيات عقلانية لتحل بالتالي محل الاستجابات غير العقلانية والتي كانت سببا في استمرار المشكلة.

أساليب العلاج العقلي الانفعالي

وتنقسم أساليب العلاج العقلي الانفعالي حسب الأهداف التي يسعى أليس لتحقيقها إلى ثلاثة أنواع رئيسة هي:

أولاً : الأساليب المعرفية:

· الحوار والمناقشة

· التحليل للأفكار غير المنطقية واللاعقلانية

· مساعدة العميل على تكوين أفكار منطقية وعقلانية

· الوعي والاستبصار

· مراقبة الذات حيث يشجع العميل على التعبير عن نفسه في هدوء

· تعليمه بعض الأفكار والعبارات المنطقية

· تشجيعهم على تغيير سلوكهم وانفعالاتهم ومراقبة سلوكهم واعتراف العميل بأنه يعاني من أفكار خاطئة مما يؤدي ذلك إلى تغيير في الإدراك ورفض الأفكار الخاطئة.

· أسلوب وقف الأفكار

· أسلوب التخيلات العقلية والانفعالية

ثانياً : الأساليب الانفعالية:

تتمثل في التقبل، ولعب الأدوار الانفعالية، والنمذجة، والعبارات الشخصية، وتمارين دحض العيوب.

ثالثاً : الأساليب السلوكية:

يستخدم المرشد العقلاني الانفعالي مجموعة من الأساليب السلوكية وتتمثل في

· الواجبات المنزلية : حيث يكلف المرشد العميل ببعض التدريبات المنزلية مثل حصر المرشد، أو قراءة بعض الكتب التي تدعو إلى التفكير العلمي.

· التدريب على الاسترخاء

· أسلوب ضبط المثيرات : حيث يعلم المرشد في بعض الأحيان العميل على كيفية التحكم في مثيرات معينة مما يجعل احتمالية تصرفاتهم الغير مقبولة قليلة. وبهذا فإن هذا الأسلوب يهدف إلى إعادة بناء الوسط المحيط بالعميل حتى لا يتعرض العميل لأي مثير يحفزه على التصرف بشكل غير مقبول، مثل العميل السمين يمكن أن يرشده إلى تجنب أماكن بيع الشوكولاتة.

· أسلوب تعزيز المعارف العقلانية : بحيث يقوم العميل بمناقشة وتفنيد أفكاره اللاعقلانية يوميا حتى تصبح العملية شبه آلية، ومن أمثلة هذا التعزيز الإدراكي المعرفي قراءة كتاب معين أو سماع شريط معين أو مشاهدة فيلم حول مبادئ الإرشاد العقلاني الانفعالي وأساليبه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق