2012/10/17

البيئة الغنية والدماغ والتعلم

كيف تؤثر البيئة الغنية على الدماغ ؟ imagesuu

ما الشروط التي يجب توفرها في البيئة الغنية ؟

ما دور اللغة ، والنشاط الحركي ، والفنون ؟

وما الذي يعمل بالفعل على بناء أدمغة أفضل؟

التأثير البيئي

لقد تعرض كل من عاملي الوراثة والبيئة وأثرهما على نمو الإنسان إلى أخذ ورد طوال السنوات المائة الماضية . فلعقود عديدة ، حاول العلماء الذين يعتقدون أن الشخصية والذكاء مسألة ترجع في معظمها إلى الجينات الوراثية حاولوا أن يدافعوا عن موقفهم فسيطروا على النقاشات الدائرة حول هذا الموضوع . وقد استشهدوا بدراسات عن "الجين الخاص بالتهجئة و " جين الرياضيات" . ولكن مع مرور الوقت ، فإن المقتنعين بتأثير البيئة ( التربية) على الشخصية والذكاء رفعوا أصواتهم عالياً لكسب تأييد الجمهور لقضيتهم .

واليوم يجمع الباحثون على أن الوراثة تتحكم بحوالي 30%-60% من تركيب أدمغتنا .

في حين أن التأثير البيئي يتحكم ب 40%-70% من هذا التركيب .

ويستطيع المعلّمون أن يحدثوا أكبر الأثر على جانب التربية للطلاب . ومن أبرز ما يمكن أن يقوموا به هو إزالة التهديدات من بيئة التعلّم ، فمهما كان المعلّم متحمساً بشأن إضافة عناصر إيجابية للبيئة ، فإن على المعلّم أولاً  أن يعمل على إزالة العناصر السلبية . وهذه تشمل الإحراج ، والاتهام ، والمواعيد غير الواقعية ، وإجبار الطلاب على المكوث بعد انتهاء الدوام والإذلال والسخرية وفقدان المصادر أو الاستقواء على الآخرين .

وتشير الدراسات أن العناصر الحاسمة في أي برنامج يهدف إلى إثراء دماغ المتعلّم هي :

 

أولاً :  أن يكون التعلّم مثيراً للتحدي مع تقديم معلومات أو تجارب جديدة .

 

فغالباً ما ستؤدي الجدة الغرض . غير أنها يجب أن تكون مثيرة للتحدي . التحدي عنصر مهم ، غير انه إن كان كبيراً جداً وقليلاً جداً فإنه سيؤدي بالطلاب إلى الانسحاب أو الشعور بالملل . ويمكن أن يتحقق التحدي الفكري ب :تقديم مادة جديدة أو إضافة درجة من الصعوبة أو من خلال الحد من المصادر . وهذا يتضمن تغيير الوقت ، أو المواد ، أو طريقة الوصول ، أو التوقعات ، أو الدعم لعملية التعلّم .  كما أن الجدة مهمة أيضاً . فتغيير ديكور جدران الصف كل أسبوعين إلى أربعة أسابيع مسألة مهمة ، ولكن اجعل الطلاب يقومون به للحصول على أفضل إثراء ممكن . يمكن للمعلّم أن يغيّر من الاستراتيجيات التعليمية في أحيان كثيرة : استخدام الكمبيوتر ، والمجموعات ، والرحلات الميدانية ، والضيوف ، والمجموعات الثنائية ، والألعاب ، وتعليم الطلاب لبعضهم بعضاً ، ومفكرة التعلّم ، أو المشاريع متعددة الأعمار .

 

ثانياً : يجب أن يكون هناك طريقة ما للتعلّم من التجربة من خلال التغذية الراجعة التفاعلية .

التغذية الراجعة تقلل الشكوك ، وتزيد قدرات التكيف ، وتقلل استجابات التوتر الناتجة عن الغدة الكظرية –النخامية . وحتى في غياب السيطرة ، فإن للتغذية الراجعة أهمية. والدماغ نفسه مصمم بشكل متقن ليعمل بالتغذية الراجعة الداخلية والخارجية.

 

كيف يكون الإثراء ؟

ماذا يجب أن يكون محتوى الإثراء ؟

مصادر الإثراء لا حصر لها .

وسنتناول هنا خمسة مصادر فقد : القراءة واللغة ، الإثارة الحركية ، التفكير وحل المشكلات ، الفنون ، والبيئة المحيطة .

 

أولاً : الإثراء من خلال القراءة واللغة

*يجب على الآباء أن يقرؤوا لأطفالهم بدءاً من سن ستة شهور ولا ينتظرون لحين بلوغهم سن الرابعة أو الخامسة .
* كلما سمع الطفل عدداً من المفردات من معلّميه ، زادت فترة احتفاظه بهذه المفردات . ومن الطرق السهلة للحصول على عدد أكبر من المفردات أن  يقوم المعلم باستخدامها ، وتوقعها ، وأن يجعلها جزءاً من التعلّم . كما أن القراءة تعتبر طريقة ممتازة لتطوير مفردات ، علماً أن الوقت الطبيعي لتعلّم القراءة هو في سن (3-4) سنوات .

* إن الكتابة طريقة أخرى لبناء المفردات . فنحن عادة نعلّم الحروف المطبعية قبل الحروف المتصلة أو المتشابكة .

 

ثانياً : الإثراء من خلال الإثارة الحركية

هل التمارين البدنية أو الحركية مفيدة للدماغ ؟

إن تكرار حركة أو تمرين ما هو أن نمارس ما نعرف كيف نمارسه أصلاً . أما الإثراء لإثارة الدماغ فهو عمل شيء جديد . لقد قام Lyelle Palmer على مدى سنوات عديدة بتوثيق الآثار المفيدة للإثارة الحركية المبكرة على التعلّم ، واستخدم  مهمات تنطوي على تناسق بين  العينين واليدين ، والدوران والشقلبة والأرجحة والتأشير والعدّ والقفز وأنشطة ضرب الكرة وذلك لاستثارة نمط النمو العصبي المبكر .

والمطلوب من المدارس أن تضع برنامجاً منظماً لإثارة حركية محددة يكون إلزامياً لصفوف رياض الأطفال – الأول الأساسي ، كما يجب عليها أن تدمج النشاط البدني في مختلف مواد المنهاج . وفي الألعاب الرياضية ، فإنه يتوقع من الطلاب أن يستخدموا أدمغتهم في العدّ ، والتخطيط ، والحساب ، وحل المشكلات .

 

ثالثاً : الإثراء من خلال التفكير وحل المشكلات

الطريقة الوحيدة الأفضل لبناء دماغ أفضل هي من خلال حل المشكلات المنطوية على تحد. فالأطفال يحتاجون إلى مشكلات معقدة تتحداهم لحلها . فحل المشكلات ليس مقصوراً على منطقة معينة من الدماغ . إذ يمكن أن تحل المشكلة على الورق ، أو باستخدام نموذج ، أو باستخدام تشبيه أو مجاز ، أو بالنقاش ، أو باستخدام الإحصائيات ، أو من خلال العمل الفني ، أو من خلال عرض توضيحي . وهذا يعني أهمية تعريض الطلاب لمجموعة متنوعة من نماذج حل المشكلات. فعندما يشعر الطلاب بأنهم أكثر قدرة على حل مشكلة ما ، فإن أفكارهم تغيّر التركيبة الكيماوية لأجسامهم . وقد وجد Albert Bandura أنه عندما زاد الشعور بالكفاية ، فإن الأفراد الذين خضعوا للاختبار أطلقوا كمية أقل من مادة الكاتاكولومين Catacholomines ، وهي استجابة الجسم الطبيعية الكيماوية للتوتر .

 

رابعاً : الإثراء من خلال الفنون 

أن ما يشير إليه علم البيولوجيا أن الفنون هي التي تضع الأساس للنجاح الأكاديمي والمهني لاحقاً . إن الأساس الفني القوي يبني الإبداع ، والتركيز ، وحل المشكلات ، والفاعلية الذاتية ، والتنسيق والاهتمام بالقيم ، والانضباط الذاتي .

وتشير الدراسات إلى أن تعليم الفنون ييسر اكتساب اللغة ، ويزيد الإبداع ، ويعزز الاستعداد للقراءة ، ويساعد في النمو الاجتماعي وفي التحصيل الفكري العام ، ويعزز الاتجاهات الإيجابية نحو المدرسة.

خامساً : الإثراء من خلال البيئة المحيطة

هل تعليق وسائل بصرية على الجدران يحفز على التعلم ؟ مع معرفتنا أن الإثراء يأتي من التحدي والتغذية الراجعة ، وليس من  الميزة الفنية أو من المتعة الجمالية . إن الصفوف المشغولة والمزينة ربما تنطوي على أهمية إثرائية مختلف فيها . إلاّ أنها تخدم فعلاً أهدافاً أخرى مهمة جداً . إذ قد تكون مصدراً للإلهام ، والإيجابية ، والمضمون ، كما يمكنها أن تساعد الطلاب في أن يشعروا بالأمان ، والارتياح ، أو يواكبوا عملية التعلّم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق