2011/08/06

حفظ وقراءة القرآن: منهج في تربية الموهوبين الصغار

بوابة موهبة - الكاتب: فريق تحرير البوابةimages

تعد قراءة وحفظ القران الكريم والتمعن في سحر بيانه وبلاغة ألفاظه من أهم الطرق لتعليم أسس اللغة السليمة وتوسيع المدارك المعرفية لدى الأطفال، وتحديداً عند الأطفال الموهوبين، وذلك لقدرتهم على استيعاب المعاني والألفاظ، بداية من مراحل عمرية مبكرة تتراوح مابين (السنتين والخمس سنوات) وهو العمر الذي يسبق مرحلة التعليم النظامي، ويرى علماء النفس أن الذكاء والقدرة على الإبداع غالباً ماتقترن بالنبوغ  اللغوي والفكري المبكر، حيث يتمكن الطفل من تكوين جملٍ طويلة ذات معاني استناداً للغة شفوية متطورة تسبق مرحلة الكتابة، تساعده على الربط بين المدلول اللغوي والرموز المحسوسة المتواجدة من حوله، وسرعان ما يتشكل لديه  قاموس شفوي متطور يحوي عشرات المدلولات المجردة التي لها مدلول حسي في عقله، وتعرف تلك العملية بالنبوغ اللغوي لحديثي القراءة، حيث يتميز الطفل في هذه المراحل بما يلي:

  • عقل يقظ.
  • ملكات حفظ عالية.
  • خيال خصب.
  • فضول للمعرفة والتعلم.
  • القرآن كتاب حياتي شامل

يجمع القرآن بين سحر البيان وقوة الألفاظ وسلاسة نظم اللغة، والتي تأتي إلى السمع مسترسلة تدعو إلى الطمأنينة وهدوء النفس، وهذا ما يحتاجه الطفل الموهوب في بداية رحلته نحو المعرفة والعلوم، وبالتالي تعويده على قراءة القرآن وتشجيعه على حفظ السور،كي ينعكس بشكل إيجابي على:
 

  • إثراء القاموس اللغوي لديه.
  • تغذية الخيال وتحفيز ملكات الحفظ.
  • تعليم التفكير من خلال التأمل في أسرار الكون.
  • تعزيز انتمائه للإسلام.

 

دور الأسرة في تقريب القرآن للطفل الموهوب

تبين جميع الدراسات في مجال تربية وتوجيه الطفل الموهوب أن دور الأم والأب من أهم الأدوار المؤثرة في تطوير وتنمية موهبة الطفل، تحديداً في السنوات الأولى من عمره، حيث يمكن للأبوين توفير بيئة تعليمية محفزة لملكات ومواهب الطفل. وبالتالي فان استغلال الإجازات الأسبوعية والسنوية والمناسبات الدينية كرمضان والأعياد، بهدف تطبيق برنامج شيق لتعليم القرآن الكريم  وتحفيظه، فهذا يعزز قدرة الطفل على الاستيعاب والحفظ ، ويزيد من قابليته في تخزين الألفاظ وربطها مع المعاني. وفي المحصلة يتم تقييم فعالية برامج تحفيظ القرآن الموجهة للأطفال الصغار من خلال ملاحظة بعض المؤشرات الأولية عندما يمسك الطفل لأول مرة بكتاب قصة دينية مصورة أو أي كتاب للأطفال،ومن هذه المؤشرات:

  • قراءة الصفحات من اليمين إلى اليسار بحركة الرأس.
  • مراقبة  مدى تفاعل الطفل مع الرسومات والصور.
  • التعليق المتكرر على الصور والألوان بعبارات متجددة .
  • ترديد الأسماء والأرقام.
  • القدرة على تخزين بعض الألفاظ  اللغوية وإعادة استعمالها في مواقف مختلفة.

 

قصص القرآن الكريم

أصبح جميع أطفالنا يقلدون بعض النماذج الدخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية كالرجل الخارق، الرجل الحديدي، رجل العنكبوت، قوى الشر التي لا تهزم والعديد من الشخصيات الكرتونية الوهمية، و أصبحت هذه الشخصيات تشكل رافداً كبيراً في خيال أطفالنا الصغار. ومن أجل مجابهة مثل هذه الشخصيات يجب أن نبدأ في تشكيل الهوية الإسلامية لأطفالنا وتقديم نماذج حقيقية من قصص القرآن الكريم  كقصص الأنبياء والرسل، وأخبار الأولين الأخيار، واستخلاص العبر والحكم، والتركيز على السيرة المحمدية، وليكن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قدوة لأطفالنا المتميزين، وذلك من خلال السرد والقراءة والحفظ لقصص من السيرة النبوية.
إن كل ما تقدم لا يمنع من التنويع والإطلاع على ثقافات الشعوب ومعرفة أخبارهم وتعليم أطفالنا لقصصهم، لكن ليس على حساب هويتنا الإسلامية والتي يجب أن تُزرع في أطفالنا الموهوبين لتمنحهم ثقة بالنفس وتوسع مداركهم المعرفية، متمسكين بالقرآن ومعتمدين عليه كتاب علمي ومعرفي لحياة الإنسان المتكاملة.

 

إرشادات لترغيب قراءة القرآن للطفل الموهوب :

يندرج التعامل مع الموهوب ضمن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تتطلب من الأسرة بعض التخطيط المسبق والبحث في أحسن الحلول لتوفير أجواء ملائمة لتطوير الموهبة وتفجير ملكات الإبداع لديه. لذلك يجب على الأم الحرص على التدرج مع الموهوب في عملية تعليم قراءة القرآن وحفظه منذ السنين الأولى من عمر الطفل، وبذلك  تؤسس لبناء علاقة حياتية بين الموهوب والقرآن الكريم تستمر طوال حياته، لذلك عليها إتباع الخطوات التالية:

  • ممارسة قراءة القرآن أمام الطفل قبل عمر الثلاث سنوات.
  • توفير مصاحف صغيرة مختلفة في غرفة الطفل.
  • تعويد الطفل على الاستماع للقرآن في البيت والسيارة.
  • البدأ بالسور القصيرة.
  • توفير قصص الأنبياء بطبعات حديثة تحوي على صور تعبيرية .
  • اللجوء لحافز الهدايا واللعب كمكافئة على مواظبة القراءة والحفظ.

 

ثراء القاموس اللغوي أساس الخيال الإبداعي:

يبدأ الطفل العادي في تفكيك الرموز وربط الألفاظ بالمعاني في عمر الثلاثة سنوات، وتشير الدراسات التربوية أن معظم الأطفال الموهوبين لديهم ملكة الثراء اللغوي والتي تبدأ في الظهور منذ السنة الأولى من العمر، لذلك لا يمكن تحديد عمر موحد لجميع الأطفال في تحديد بداية التطور اللغوي بدقة.

يتمتع الموهوب الصغير  بقدرات عالية في تخزين الألفاظ وربطها بالمدلول الحسي لها, ونظم جمل طويلة ذات معنى, وتفكيك الرموز, والقدرة على تتبع الأحداث, لذلك من المهم البدأ المبكر في بناء القاموس اللغوي للطفل الموهوب، فذلك يحفز التفكير المبدع ويشحن الخيال لديه. ويعد القرآن الكريم مادة تعليمية دسمة لتحفيز ملكات الخيال المبدع عند الأطفال، وإذا أصبح القرآن الكريم رافداً رئيسيا لقاموس الطفل الموهوب، فستتحقق النتائج التالية:

  • تعزيز النبوغ اللغوي لدى طفلك.
  • تعلم  الطلاقة والمرونة في القراءة والوصول للمعنى.
  • تعليم التفكير من خلال التأمل في آيات الله
  • الارتباط العاطفي بين الطفل والقرآن الكريم
  • بناء قاعدة لغوية تستند على لغة القرآن.
  • تنشيط ملكات الخيال لدى الطفل.

 

فضل شهر رمضان في تحفيز ملكة القراءة لدى الطفل:

يعد الموهوب ثروة كبيرة للوطن ويحتاج الرعاية والاهتمام من جميع الجهات المعنية (الأسرة، والمدرسة، والهيئات الخاصة، ووزارة التربية والتعليم، وباقي أفراد المجتمع) لذا فلا بد من التكاتف لإنجاح تربية وتعليم الطفل الموهوب لرفع راية البلاد في المجالات العلمية والمعرفية المختلفة.إن كل ما تقدم لا يمنع أن نركز على بناء الأخلاق وغرس الصفات النبيلة التي تمنح للعلم والمعرفة قيمة إضافية لا تقل أهمية عن المعرفة والإبداع، من خلال تعليم أطفالنا الموهوبين الإقتداء بأخلاق وصفات نبينا الكريم، ولا يوجد أفضل من شهر رمضان لتحفيز الطفل على البدأ والمواظبة على قراءة وحفظ ماتيسر من القرآن الكريم، ويجب على الأمهات الحرص على التشجيع والمتابعة ليكون شهر رمضان منارة لعقول أطفالنا الموهوبين وتعزيز الخيال والإبداع لديهم.  

وأخيراً وليس آخرا

فإن فضائل قراءة وحفظ القرآن على عقول أطفالنا الصغار لا تحصى ولا تعد، فهي تنعكس بصورة إيجابية على تطوير مستويات التفكير وتوسيع مدارك الإبداع وتشكيل الخيال الإبداعي الذي يستنبطه الموهوب من قصص الرسل والأنبياء واخذ العبر من أخبار الأولين والتي تحتوي على  قيم إنسانية، وأخلاقية، ودينية في تعاملات البشر مع البشر ومع الخالق، وهذا بدوره يؤثر بشكل إيجابي على الطفل الموهوب، ويساعده على تقبل الاختلاف الذي يشعر به، كما يعزز تكيفه الاجتماعي، وأيضا فان اللغة (صاحبة السيادة) تتألق طائعة لتعكس تفكيره بمنتهى الدقة والقوة طيلة حياته.

المراجع:

Robinson,A.;Shore,B.M.;Enersen,D.L.(2007).Best Practices In Gifted Education (ch.6).pruforck Press Inc.U.S.A

www.lifecree.org  ,Le Portail de liberte.

هناك تعليقان (2):