2011/05/21

(ينتقل) أم (يبقى) في صفه لسنة ثالثة ؟؟!!

كتب . عبدالله القرزعيistockphoto_8765174-help

كنت قد تبنيت التدريب على التقويم المستمر منذ عام 1421هـ بعد سنة من إقراره على الصفوف الأولية "بنين" وقد صممت برنامجاً تدريبياً بعنوان "التقويم الوصفي المستمر" وقد أضفت مصطلح الوصفي للإشارة إلى أن معيار الحكم وصفياً "أتقن – لم يتقن" بعبارات ؛ وليس كمياً بدرجات.

دربت على البرنامج بنين ثم بنات بعد إقراره عليهم لسنوات عدة حتى جاء عام 1425هـ واقترح الزملاء في الصفوف الأولية مقتطفات هامة في التقويم المستمر لتداولها مع منسوبي المدارس الابتدائية عند زياراتهم … فاقترحت عليهم أن يكون ذلك مشروعاً مسحياً لجميع منسوبي المدارس (مديرون – وكلاء – مرشدون – معلمون ) في الفترة المسائية وتطور الفكرة ليكون برنامجاً تدريبياً متكاملاً ؛ وبالفعل عملت على تصميم البرنامج وقام الزملاء بتدريب قرابة 800 تربوي عليه.

مع نهاية 1426هـ وبداية العام الدراسي 1427هـ عدلت اللائحة وأقر برنامجاً تدريبياً لها ؛ رشحت لأكون رئيساً للجنة التدريب على اللائحة المعدلة وأعدنا تدريب 1000 من منسوبي الإدارة "بنين" غير تدريبي الشخصي لقرابة 2000 تربوية في إدارات تعليمية مختلفة.

كنت ومازلت أتبنى فلسفة أن اللائحة والتقويم المستمر "نصوص ومضامين" بمعنى ألا نقف عند ظاهر النص فقط بل يجب أن نستشعر مضامين التربية والتعليم ومقاصدها …

ومن ذلك مناداتي  " بأن الطالب/ة في المرحلة الابتدائية الذي يعيد في صفه لسنتين لا يجب أن يبقى في الصف ذاته لسنة ثالثة ؟؟!! بل ينتقل بشروط".

أما لماذا ؟

لعدة أسباب أوجزها بالأتي :

1. أقرت اللائحة بأن التقويم يجب أن يراعي ويأخذ بالفروق الفردية بين الطلاب ؛ وأن يتم تقويمهم وفق قدراتهم وما يتوفر من امكانات لديهم وخصصت في مقدمة لائحتها التفسيرية أكثر من 11 حالة خاصة وكيف يتم تقويم التحصيل الدراسي لها على سبيل المثال لا الحصر .

2. لا نفترض في ممارساتنا التربوية القدرة على تقويم التحصيل الدراسي لكافة الطلاب وفق فروقهم الفردية ؛ حيث تقف خبراتنا وقلة المختصين حائرة أمام تشخيص سبب تدني التحصيل ؟؟!! وبالتالي فإن علاجنا التقويمي قد يبنى غالباً على اجتهادات وليس ممارسات تشخيصية علمية دقيقة.

إذن … القصور قد لا يكون في الطالب فقط بل قد يكون في التشخيص وطبيعة العلاج التقويمي المبني عليه ؛ وهذا خلل في أدوات النظام وليس بيد الطالب وولي أمره حيلة لتجاوزه.   

3. أتاحت اللائحة للجنة التوجيه والإرشاد بالمدرسة الابتدائية "نقل الطالب/ة" في حال وجد أن ليس من مصلحته تعليمياً البقاء في صفه ….

وهنا يجب أن نتساءل ما المصلحة التعليمية التي توجب بقاء الطالب/ة ثلاث سنوات في صف واحد ؟؟!!

  • فإن كان القصور لدى الطالب/ة وقتي بسبب إهمال أو عدم اكتمال نضج يفترض أن يزول .
  • وإن كان القصور في التدريس والتقويم والتشخيص قبل ذلك ؛ فما سنقدمه في السنة الثالثة بعد بقاء الطالب/ة في الصف نفسه ؛ فلنقدمه بشكل أكثر علمية في السنة اللاحقة بعد انتقال الطالب/ة.
  • وإن كان القصور في عدم تواجد أو كفاية البرامج المساندة (معاهد فكرية – توحد – صعوبات تعلم – بطء تعلم ….) وما يقدم من دعم ومساندة للمدرسة الابتدائية ؛ فما الداعي لإبقاء الطالب/ة لسنة ثالثة في نفس الصف.

4.دوماً يلقى باللائمة على الطالب/ة والأسرة ؛ وننسى أو نتناسى أنهم لا يملكون الأدوات التقويمية التي تحسن مستوى الطالب/ة ؛ فإذا كانت المدرسة بأدواتها ومعلميها ومختصيها عجزت عن تشخيص مسببات تدني التحصيل وعلاجه فكيف للأسرة القيام بذلك.

5. تظل مشكلتنا الأساسية في أدوات تشخيص تدني التحصيل علمياً … سواء على مستوى المدرسة أو الأسرة ؛ وبالتالي لا يجوز الجزم بأن المحاولات الاجتهادية -التي تذكر فتشكر- كفيلة بتقويم تدني التحصيل الدراسي .

فالطالب/ة الذي يعاني من تأخر دراسي تختلف الخدمات العلاجية المقدمة له عن الطالب/ة الذي يعاني من صعوبات تعلم أو بطء تعلم أو اعاقة عقلية أو فرط حركة أو توحد ……؟؟!!

6. تعمل كثير من دول العالم على الانتقال التلقائي للطالب/ة في المرحلة الابتدائية بمعنى كل سنة دراسية يمنع أن يبقى فيها الطالب/ة أكثر من عام دراسي ؛ ويتم تعزيز البرامج العلاجية العلمية مع بداية كل عام ونهايته ؛ وكذلك توفير الخدمات المساندة وبرامجها (معاهد فكرية – توحد – صعوبات تعلم – بطء تعلم ….) والدقة في التشخيص والتقويم المبني عليه.

7. طالب/ة التربية الفكرية يحصل على شهادة إتمام المرحلة الابتدائية التي تساوي في التعليم العام تحصيلياً ثاني ابتدائي ولكنها عند التوظيف تساوي شهادة المرحلة الابتدائية .

وكذلك الدراسين في محو الأمية تساوي شهادتهم للمرحلة الابتدائية في التعليم العام شهادة الصف الثالث الابتدائي !!

ومع ذلك عند التوظيف تتساوى شهادات التعليم العام مع الفكري مع الكبار … فتأمل.

8. تضمن المعاهدات والمواثيق الدولية أحقية حصول كافة أبناء الدولة على تعليم يتوافق مع فروقهم الفردية ووفق ما يتوفر لديهم من قدرات وإمكانات … وتعمل دولتنا وفقها الله على المضي في هذا الاتجاه وقد قطعت شوطاً طويلاً فيه.

8. ولمن ينادي بتجويد التعليم ومخرجاته ؟؟ أقول هل سيؤدي بقاء الطالب/ة ذوي القدرات المحدودة لثلاث سنوات في صفه إلى تجويد التعليم ومخرجاته !! خاصة في ظل ضعف الخدمات المقدمة لتشخيص مشكلته وعلاجها بأساليب علمية.

 

نخلص مما سبق إلى :

لا جدوى محتملة ولا مصلحة تعليمية في بقاء الطالب/ة في المرحلة الابتدائية لثلاث سنوات في صفة ؛ خاصة أنه من المتوقع أن يبقى في صفوف أخرى أكثر من عام !!

الخطورة هنا تكمن في :

إساءة استخدام مثل تلك الصلاحية ؛ حيث تعمد بعض المدارس إلى نقل الطالب/ة من أول عام دراسي للصف التالي بقرار عاطفي !!

دون النظر لاعتبار أن الطالب/ة خاصة في الصفوف الأولية قد ينمي استعداده الدراسي ونضجه البقاء لعام آخر. 

 

كثيراً ما يردني هذا التساؤل … عليه دونت رأيي لحرصي على تأمل نصوص ومضامين ومقاصد لائحة تقويم الطالب/ة والتربية والتعليم ككل.

والله الموفق …      

هناك تعليق واحد:

  1. وسيلة باموسى4 يناير 2012 في 10:57 م

    بسم الله الرحمن الرحيم , بينما كنت أبحث بين المواقع عمن يفحص فكرة بقاء الطالب في صفه ولا سيما في السن الصغيرة التي لا يتملك فيها الصغير ما يمكنه من المعالجة الذاتية فإذا بعيني تقع على هذه المقالة التي وجدت فيها عرضًا سلسًا لفكرة طالما كررتها في اجتماعاتي بمديرات ووكيلات ومرشدات الطالبات في المدارس الابتدائية بل والمتوسطة والثانوية , إذ كنت أردد لهن : إذا كنا لا نقدم للطالبة خدمة مختلفة في العام التالي فلا هدف نحققه من الإعادة. إننا نعاقب أنفسنا لأننا جميعًا نعيد معها العام الدراسي ومعنا الأسرة.يجب أن نعمق تفكيرنا فالقضية الأساس هي نوعية الخدمات التالية التي نخطط لها حين إعادة الطالب في صفه الدراسي. القضية الأساس هي مقدار حرصنا وتخطيطنا لنوعية التعلم والجمع بين حرصنا على النجاح الكمي والنوعي معًا ومراقبة الحالتين على السواء. أشكركم على ما كتبتموه ولعلنا نستيقظ لخدمة ذات خصوصية لمن هم بحاجة إليها من أبنائنا وبناتنا. وسيلة باموسى / جدة

    ردحذف