حسن علي الحمداني – جريدة البينة - بتصرف
مما لاشك فيه أن نهضة أي بلد ورقيه تعتمد على تقدم ورقي مناهجه التعليمية وما تكوّنه لدى الأجيال من فكر وثقافة وقيم واتجاهات توجه مساراتهم في الحياة وتحدد أدوارهم وتضبط سلوكهم.
ومناهج التعليم يجب أن ترتبط إلى حد كبير :
بثقافة المجتمع وفكره ومعاييره بمختلف اتجاهاتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، مع الأخذ بالتغيرات العالمية.
لهذا فالمناهج مصدر قوة لأي بلد اذا انها تعكس الفلسفة التربوية القائمة فيه ، والغاية من التربية بصورة عامة ، وما هي مخرجاتها وتختلف هذه الفلسفة باختلاف النظم السياسية وأدوات السلطة من بلد لآخر.
ومن المهم أن يعتني المنهج بما يأتي :
- التنشئة الديمقراطية وغرس مفاهيمها هذه المفاهيم التي يمكن لها أن تحرك كوامن النفس البشرية روحياً وعقلياً وجسدياً لتعطي بأقصى طاقاتها الكامنة الجيل الحالي ومن خلاله الأجيال اللاحقة التي ستتكرس لديها هذه المفاهيم كنمط ثابت للحياة لذا.
- تقويم المناهج وإعادة النظر فيها باستمرار والنظر في علاقتها بمستجدات العصر ومتطلباته للسعي لتطوير المناهج من جديد بعيدة عن الجمود والانكفاء على المعتاد ، أو الانبهار والذوبان في الجديد، فتبنى على أسس سليمة ومعايير دقيقة تسهم في استدراك النقص ، ومواكبة روح العصر وتلبية متطلبات الحضارة التي تشهد تسارعاً وانفتاحاً مذهلا قد يضطرب معه الفكر، وتذوب في خضمه الهوية ، وتضيع في زخمه القيم . فثورة الاتصالات المعلوماتية تمتلك القدرة على تغيير كثير من الصفات الفردية والعلاقات الاجتماعية وإعادة تشكيلها فقد تصاحبها تغيراتٌ كبيرةٌ متلاحقة في أساليب العيش وأنظمة الحياة وأدوار الناس في المجتمع ، ومن ضمنها ما يتعلق بالأسرة والمرأة ومكانتها ودورها في المجتمع مما يشكل تحدياً كبيراً أمام مخططي المناهج للحفاظ على الهوية الفكرية والثقافية لمجتمع ما مع مراعاة المستجدات العصرية والمتغيرات .
المنهج بمفهومه الشامل " :
مجموع الخبرات التربوية التي تهيؤها المدرسة للتلاميذ داخلها أو خارجها بقصد مساعدتهم على النمو الشامل نمواً يؤدي إلى تعديل سلوكهم ويعمل على تحقيق الأهداف التربوية المنشودة "
فهو يتعلق :
- بكل جوانب الشخصية
- وكافة المؤثرات الخارجية فيدخل فيه المعلم والتلميذ والكتاب المدرسي والمباني والأنشطة وطرائق التدريس وتكنولوجيا المعلومات المتوفرة .
- بأسرة المتعلم .
- بكل مكونات منظومة المجتمع التي تعمل معاً لتربية النشء وصقل شخصياتهم وتكوين اتجاهاتهم وإعدادهم للقيام بدورهم في الحياة .
ويتفق التربويون على أن المناهج من أكثر العناصر التربوية حاجة إلى :
- التطوير المتكرر
- والمراجعة الدائمة
حيث إنها ترتبط كثيراً بالمجتمع وما ينشد له من التوازن الحضاري ، وإعداد الأجيال لمعايشة المتغيرات المتلاحقة في مجالات الحياة المختلفة ، فالحاجة قائمة إلى إعادة النظر في المناهج لتكوين مناهج معاصرة تعيد تنظيم الأدوار بين الطالب والمعلم ، وبين المهارات والمعلومات في ضوء فهم صحيح للثوابت والمتغيرات ، مناهج معاصرة فعلا في طبيعة تصميمها ، وفي طرائق عرضها ، وفي أساليب تقويمها وتطويرها.
وينبغي التأكيد على أن التطرف في التجديد والتطوير ليس بالشيء الحميد ؛ فليس كل جديد أجود من القديم ، لذا فإنه لابد أن يصاحب التجديد :
- وعي عميق بضرورة البحث العلمي في واقع المناهج السائدة وتحليلها لمعرفة أوجه القوة وإبقائها ، ومعرفة أوجه القصور والجمود وتغييرها فنخرج بها من نمطية التقليد الغافل والتغريب الجاهل وبذلك تصبح الرؤية التطويرية واضحة قائمة على الحقائق ونتائج الدراسات لا على اجتهادات شخصية غير علمية ولا تعميمات مبالغ فيها .
- رؤية تتكامل في ضوئها الجهود التربوية بين المدرسة وسائر المؤسسات التربوية والتثقيفية في المجتمع .
- وتراعي مفهوم المنهج الشامل الذي يجعل من مدارسنا مراكز إشعاع ثقافي وإصلاح اجتماعي يسهم بدور فاعل في قيادة التغيير الواعي والتطوير المستمر في المجتمع كله .
وهنا ينبغي لنا أن نؤشر حالة مهمة جدا وتكاد تكون ظاهرة في عموم مدارس الوطن العربي وتتمثل بانعدام أو ضعف فرص التدريب للمعلم على المناهج الدراسية الجديدة وهذا سببه انعدام التخطيط التربوي الصحيح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق