مما لاشك فيه أن قرارات الإصلاح والتغيير والتطوير لا تخضع للرغبة الشخصية سواء من قبل المسؤول أو الموظف . بل يجب أن تكون معبرة عن حاجات مجتمع وطموح وطن ومستقبل أمة …. وتلك قيمة يجب أن يتمثلها كل مواطن.
مع حركة التنمية المتسارعة في كافة وزارات الدولة باتت عجلة التغيير والتطوير تدور استجابة لعدة عوامل منها :
1. متغيرات داخلية ؛ ومنها :
- تزايد أعداد السكان في الدولة.
- تنامي الحراك الثقافي والاجتماعي .
- تنامي الحراك الإقتصادي وسوق العمل ومتطلبات الوظائف…..
2. متغيرات خارجية ؛ ومنها :
- تطور التكنولوجيا والاتصال والتواصل .
- تطور أدوات العمل واستراتيجياته.
- الحراك العالمي المستمر سياسياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وتربوياً ….
- الانتقال من عصر التقنية والتكنولوجيا لعصر المعرفة والاقتصاد المعرفي.
- تطور العلوم استجابة لمتغيرات وظروف عالمية.
بيد أن التغيير والتطوير لا تضمنه السياسات ما لم يكن هناك كوادر بشرية تترجمه إلى واقع محسوس ، وسط معرفة لحقوقها بالقدر التي تنفذ واجباتها.
الملاحظ اليوم … أن حركة الإصلاح والتطوير تتطلب :
- تفهماً وفهماً للتغيير وغاياته .
- التدريب والتعلم على متطلباته.
- ربط الخبرات السابقة بالجديدة وتهيئة الميدان.
- أن يكون التغيير والتطوير مخططاً وواضحاً ومحدداً وذو نتائج تضيف مزيداً من رفاهية الإنسان وضمان حقوقه في مقابل قيامه بواجباته.
- أن يكون التغيير والتطوير استراتيجياً واضحاً في آليات مدخلاته وعملياته ومخرجاته.
وتوفر تلك المطالب والمعايير هي من تضمن -بعد مشيئة الله وتوفيقه- النواتج الإيجابية ، بالإضافة إلى تأثيرها في اضعاف مقاومة مقاومي التغيير وجعله موضوعياً يعبر عن قضايا المجتمع لا شخصياً يعبر عن رؤى أفراد.
وكشاهد على بعض مشاريع وزارة التربية والتعليم منذ عام 1994م 1414هـ وحتى 2011م1432هـ وحركة تلك المشاريع التطويرية والإصلاحية ونسبة نجاحها التي يحددها الأتي :
- توفر قادة التغيير تخطيطاً وتنفيذاً وتقويماً ، ووجود خبراء ملمين بمحور التغيير وخبراء فيه.
- واقعية المشروع ومدى تلبيته لحاجات المرحلة والنظام التربوي وتوافقه مع معطيات الميدان وواقعه وثقافته .
- اكتمال مشروع التغيير وتكامله قبل طرحه (مدخلاته وعملياته ومخرجاته) وأساليب تحكيمه داخلياً وخارجياً.
- العناية بالتدريب النوعي والدعم الإداري والفني لمشروع التغيير .
- العناية بالرقابة والضبط وتوفر أدوات التقويم العلمية.
وكأمثلة على مشاريع ناجحة حققت أهدافها :
- مشروع برنامج معارف وهو برنامج إلكتروني عمل على أتمتة اجراءات العمل داخل المدرسة ، وقد نقل اجراءات المدرسة نقلة نوعية ملحوظة.
- مشروع تطوير كتاب القراءة في الصف الأول الابتدائي الذي جرب في 1416هـ وأقر في 1418هـ واستمر حتى 1431هـ.
- مشروع مراكز مصادر التعلم.
- مشروع مراكز صعوبات التعلم.
وكأمثلة على مشاريع لم تحقق النتائج المرجوة :
- مشروع تطوير استراتيجيات التدريس الذي بدأ بمدخلات ضعيفة من حيث (التدريب وحقائبه ونوعيته ، ضعف أدوات تشخيص واقع تطبيق طرق التدريس التقليدية التي تعتبر خبرات سابقة وأساس لبناء الاستراتيجيات الحديثة ؛ ضعف أدوات تقويم المشروع ؛ طرحه بما يوحي أنه اختياري ويخضع لرغبة المعلم الشخصية في التطبيق !!! ).
- مشروع دمج التقنية في التعليم الذي بدأ وبقي عند نقطة البداية ولم يتقدم حتى الآن.
- مشروع دمج مهارات التفكير في التدريس.
كرؤية شخصية
أرى صعوبة التغيير في كل ما يخص الموقف التعليمي التعلمي داخل غرفة الصف وهو الأهم ، ويمكن أن تكون أهم العوامل المسببة لذلك :
1. ضعف كفايات ومهارات التدريس الأساسية عند عينة كبيرة من المعلمين.
2. ضعف بعض خدمات تمكين المعلمين في كفايات التدريس أثناء الخدمة(تدريب - إشراف) ، مضافة إلى ضعف التأهيل الجامعي.
3.رسوخ عدد كبير من التطبيقات الخاطئة في التدريس لسنوات عدة دون تقويم وإصلاح.
4.ضعف وتضعيف سلطة الأنظمة واللوائح والرقابة والضبط ، وضعف وجود أنظمة عواقب (ثواب - عقاب).
5. عدم قياس الخبرات السابقة اللازمة للمشروع لتهيئة الميدان وربطها بالخبرات الجديدة.
6.ضعف خلفية بعض من يتبنى التغيير وخبراته الميدانية والبحثية ، وتشريع التغيير في معزل عن واقع الميدان.
7.ضعف تأثير بعض قيادات العمل الميداني بل وتحوُلها لأحد عوامل مقاومة التغيير ، نظراً لضعف تأهيلهم وتدريبهم لقيادة التغيير.
8. اخضاع التغيير والتطوير كواجب وظيفي وخيار استراتيجي للرغبة الشخصية في ظل غياب التدريب النوعي وأدوات الرقابة والضبط والتقويم للمشروع.
وفي ظل كل تلك العوامل أضحى …
التغيير والتطوير الذي لا يَمنح توفيراً للوقت والجهد ويضمن نتائج ايجابية من الصعب أن يُمنح الانتماء والولاء والجدية في التطبيق.
في التربية والتعليم نعتبر أنفسنا من أكثر الوزارات تحديداً وتأطيراً لمشاكلنا التعليمية والتربوية !!؟؟ ونكاد نكون أكثر الوزارات التي يحول بيننا وبين حلول مشاكلنا الآتي :
1. تزايد عدد المشاريع يوماً بعد يوم ، في ظل ضعف ثقافة الميدان التنظيمية والتربوية.
2. ارتباط المشاريع بالأشخاص ومع تبدل القيادات التربوية المستمر وغياب الجانب الاستراتيجي للمشاريع ، تذهب المشاريع وتتبدد الجهود ، ويبدأ بتغيير جديد.
3. التداخل بين مشاريع التطوير والتمكين الرئيسية والأولية ، ومشاريع التغيير وفقاً لتطور العلوم والأنظمة التربوية.
ختاماً ….
لتؤتي مشاريع وزارة التربية والتعليم ثمارها يجب أن :
1. ترتب المشاريع وفق الأولوية ضمن خطط استراتيجية عشرية.
2. ترتيبها حسب الأولوية والأكثر إلحاحاً وحاجة وفق متطلبات التمكين والتهيئة للتطوير.
3. التفريق بين مشاريع الإصلاح ومشاريع التغيير.
4. استيفاء كافة متطلبات المشروع قبل تعميمه .
5. التسارع المعقول والمنطقي لطرح المشاريع ، وألا يطرح مشروع مالم يستوفى تقويم المشروع الذي قبله ، خاصة إذا كان له علاقة بالمشروع الجديد.
6. أن نستشعر أماناتنا تجاه الله ثم الوطن ونتحمل مسؤولياتنا كل فيم يخصه تجاه قضايا التربية والتعليم مع أهمية التعاون والتضحية ودافعية التعلم والعمل الجاد ، وألا يكون تطبيق المشاريع رغبة شخصية.
7. أن يعتبر كل منتمي لمجال التربية والتعليم نفسه جزءا من منظومتها ونجاحاتها وفشل مشاريعها ، ليعمل على اصلاح نفسه ووقف عمله واحتسابه لرفعة الدين وصلاح الأجيال وتسامي وطن.
8. أن نعمل ثم نعمل ثم نعمل أكثر مما نقول وأحسن.
والله الموفق ،،،
اجدت الطرح .. استاذ / عبد الله
ردحذفمقال جدا رائع
عندما قرأت العنوان ( إصلاح أم تغيير أم تطوير … رغبة موظف شخصية في مقابل عزة دين وطموح وطن ومستقبل أمة )
شدني للقراءة ووجدت ان رغبة كل موظف منتمي لمجال التربية والتعليم يعتبر نفسه جزءا من منظومتها، ليعمل على اصلاح نفسه ووقف عمله واحتسابه لرفعة الدين وصلاح الأجيال وتسامي وطن .
ختاما اقول ..
مقال تناول البعد الرباعي لمنظومة التربية والتعليم .