2010/09/01

ليلة القدر خير من ألف شهر


  
طريق الإسلام – الشيخ يحي الزهراني

لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص ، وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم ، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي ، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي ، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر ، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر .. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين
قال تعالى في سورة القدر :{ إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِ أمر *سلامٌ هي حتى مطلع الفجر } 
 وقال تعالى  في سورة الدخان :{ إنا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا مُنذٍرين * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم }
  
سبب تسميتها بليلة القدر
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف.
ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه

علامات ليلة القدر
ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة

العلامات المقارنة
·     قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار.
·     الطمأنينة ، أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي.
·     أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل بكون الجو مناسبا.
·     أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم .
·     أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي

العلامات اللاحقة
·     أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ) -رواه مسلم

فضائل ليلة القدر
·     أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر }
·     أنها ليلة مباركة ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة }
·     يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام ، قال تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم }
·     فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ، قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر}
·     تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ، قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر }
·     ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها ، قال تعالى {سلام هي حتى مطلع الفجر }
·     فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) - متفق عليه

منتديات الحالمة - همام محمد الجرف

أولاً - في فضلها والترغيب في قيامها :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقم ليلة القدر إيماناً واحتسابا غفر لله ما تقدم من ذنبه . [1]

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم.[2]

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر . [3]

وعنها رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغِّب الناس في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمر فيه فيقول من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. [4]

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان قال نافع وقد أراني عبد الله رضي الله عنه المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد . [5]

ثانياً - في وقتها :
فعن أبي سلمة رضي الله عنه قال : انطلقت إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقلت : ألا تخرج بنا إلى النخل نتحدث فخرج فقال قلت حدثني ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر ؟ قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه فأتاه جبريل فقال إن الذي تطلب أمامك فاعتكف العشر الأوسط فاعتكفنا معه فأتاه جبريل فقال إن الذي تطلب أمامك قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا صبيحة عشرين من رمضان فقال : من كان اعتكف مع النبي صلى الله عليه وسلم فليرجع فإني أُرِيت ليلة القدر وإني نُسِّيتُها وإنها في العشر الأواخر وفي وتر وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء .
وكان سقف المسجد جريد النخل وما نرى في السماء شيئاً فجاءت قزعة فأمطرنا فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم حتى رأيت أثر الطين والماء . على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرنبته تصديق رؤياه .[6]
قزعة : قطعة رقيقة من السحاب , أرنبته : طرف أنفه.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول : تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان. [7]
يجاور : يعتكف .

وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر . [8]

وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى. [9]
تاسعة تبقى : وهي ليلة الحادي والعشرين لأن المحقق المقطوع بوجوده بعد العشرين من رمضان تسعة أيام لاحتمال أن يكون الشهر تسعة وعشرين يوما .

وعنه أيضاً : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي في العشر هي في تسع يمضين أو في سبع يبقين . [10]
تسع يمضين : أي ليلة التاسع والعشرين , سبع يبقين : وتكون في ليلة الثالث والعشرين وفي نسخة ( يمضين ) فتكون ليلة السابع والعشرين .

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال : خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة . [11]

عن لاحق بن حميد وعكرمة قالا : قال عمر رضي الله عنه : من يعلم متى ليلة القدر؟ قالا : فقال ابن عباس رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي في العشر في سبع يمضين , أو سبع يبقين . [12]
سبع يمضين : أي ليلة السابع والعشرين , سبع يبقين : وتكون في ليلة الثالث والعشرين.

وعن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوا ليلة القدر ليلة سبع و عشرين . [13]

وعنه معاوية أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : التمسوا ليلة القدر في آخر ليلة . في خبر أبي بكرةأو في آخر ليلة .[14]

وعن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تحروا ليلة القدر ليلة ثلاث و عشرين . [15]

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله إني شيخ كبير عليل يشق علي القيام فأمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لِلَيْلَةِ القدر قال : عليك بالسابعة . [16]

وعنه أيضاً قال : أُتِيْتُ وأنا نائم في رمضان فقيل لي إن الليلة ليلة القدر قال : فقمت وأنا ناعس فتعلقت ببعض أطناب فسطاط رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يصلي قال فنظرت في تلك الليلة فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين . [17]

وعن بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوا ليلة القدر في العشر الغوابر في التسع الغوابر . [18]

وعنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :التمسوها في العشر الأواخر -يعنى ليلة القدر- فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يُغْلَبَنَّ على السبع البواقي . [19]

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ذكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كم مضى من الشهر ؟ فقلنا : مضى اثنان وعشرون يوما وبقي ثمان فقال صلى الله عليه وسلم : لا بل مضى اثنان وعشرون يوما وبقي سبع الشهر تسع وعشرون يوما فالتمسوها الليلة . [20]

ثالثاً - في ماهيتها وعلاماتها :
فعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة و لا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء . [21]

وعن زر رضي الله عنه قال : قلت لأبي بن كعب رضي الله عنه أخبرني عن ليلة القدر فإن صاحبنا (يعني بن مسعود) سئل عنها فقال من يقم الحول يصبها قال : رحم الله أبا عبد الرحمن لقد علم أنها في رمضان ولكنه كره أن يتكلوا أو أحب أن لا يتكلوا والله إنها لفي رمضان ليلة سبع وعشرين لا يستثني قال : قلت : يا أبا المنذر أني علمت ذلك قال بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قلت لزر : ما الآية قال تطلع الشمس صبيحة تلك الليلة ليس لها شعاع مثل الطست حتى ترتفع . [22]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في ليلة القدر : إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى . [23]

عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني كنت أُرِيت ليلة القدر ثم نسيتها وهي في العشر الأواخر وهي طلقة بجة لا حارة ولا بردة كأن فيها قمرا يفضح كواكبها لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها. [24]

رابعاً - في الدعاء في ليلة القدر :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا نبي الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : تقولين : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني . [25]




الخلاصة :
لقد ثبت من الأحاديث الشريفة الصحيحة أنها تأتي في الوتر من العشر الأواخر ؛

ولعلَّها لم تُحَدَّد بشكل قطعي حتى يجتهد المسلمون في طلبها في العشر الأواخر بالقيام والدعاء 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق