2010/07/07

حينما تنصب نفسك مقوماً لتصرفات الأخرين ... استعد للقصف !!


كتب . عبدالله القرزعي -
اتصل بي ذات مرة أحد زملائي المعلمين ممن دربتهم في برامج تدريبية عدة ؛ طلب استشارة في قصة حدثت له.
يقول : أننا كمعلمين ندرس ونتعب وننهك .... وغيرنا ينام في المدرسة !!
وحدث أن دخل المرشد الطلابي لغرفة المعلمين يريد أن يجمع بيانات عن بعض الطلاب ؛ وسلم لكل معلم استمارة مليئة بخانات فارغة مطلوب تعبئتها .
فما كان مني إلا أن رميتها على الأرض !! وقلت له : هذا عملك وليس لي علاقة به ؛ ألا يكفيك الساعات الطوال التي تهنأ فيها تحت جهاز التكييف !!! ونحن داخل الفصول تدرس !!!
وأردفت قائلاً : أخبرني ماعملك وما دورك في المدرسة ؟؟!!
يقول : غرست البسمة بكلماتي للمرشد في وجوه زملائي المعلمين ؛ ما شجعني أن أزيد تساؤلاتي وتوضيحاتي ؛ حتى وصلت لأن قلت له : بصراحة لادور لك في المدرسة ووجودك كعدمه !! وهو يستمع بصمت !!
وما أن انتهيت من كلامي إلا والمرشد الطلابي يضع أوراق بيده على أحد الطاولات ويقول :
من أنت حتى تحاكمني وتحكم علي ؛ تتساءل وتجيب ؟
كم أنت إنسان مغرور ؛ ومتعالي ولا تحترم الأخرين ؟
بل زاد غرورك ووصل للوقاحة ؛ وكأنك طفل صغير !!!
يقول المعلم : ضحك زملائي المعلمين علي بعد أن أضحكتهم ؛ حاولت أستجمع قواي وأرفع صوتي ؛ وأثبت ماقلت ...!!
إلا أن المرشد الطلابي كان لي بالمرصاد ؛ وألجمني بوقاحته ... بالرغم من أنني لم أقول ما يسيء له !!! فقط سردت الحقيقة !!!

الاستشارة المطلوبة :
هل أشكوى المرشد الطلابي الوقح لمدير المدرسة ؛ ليقتص لي من تعديه علي ؟؟!!


جاءت استشارتي له كالتالي :
"بأنني أولاً لا أعرف المرشد الطلابي ؛ ولكن الناس يقض مضاجعهم و مسامعهم النقد المباشر خاصة من من ليس له حق تقويم أعمالهم أو أداء أدوارهم ؛ عليه كان من الطبيعي أن يدافع عن نفسه بنفس قوة ماوجه له من تهم "
فرد المعلم منفعلاً : قصدك أنا مخطئ ؟؟!!
فقلت : تتحمل جزءًا من الموقف ؛ وما حدث فيه .
فقال : أنا قلت الحقيقة ؛ وكنت له ناصحاً ...
فقلت : بل كنت له فاضحاً على الملأ ؛ وشهرت به ؛ ونصبت نفسك له محاكماً ومقوماً ؛ وتقمصت دوراً ليس دورك !!!
فرد قائلاً : أنت متحيز للمرشد الطلابي وبالتأكيد أنك تعرفه .....
وربما في ضمير ذلك المعلم أنني متآمر عليه مع المرشد الطلابي !!!


إليكم ولنفسي أقول ...
• ما أصعب أن ننصب أنفسنا مقومين لتصرفات الأخرين ...
• والأسوأ على الإطلاق إدعاء امتلاك الحقيقة المطلقة ؛ في مقابل تجني الغير ...
• والكارثة الحقيقية .. حينما نعتقد أننا نقدم نصيحة لا فضيحة !!!


كثير من الناس يفعل ذلك ويتساءل :
• لماذا أنا دوماً محارب ؟
• لماذا أنا دوماً ممقوت ؟
• لماذا الناس لا تسمع نصحي ومناصحتي ؟
• لماذا يغضب الكل من كلامي ؟
• لماذا الكل معي ليسوا على وفاق !!!
وفي أمر أشد مرارة على النفس حينما يعتقد البعض :
" أن العالم بأسره متآمر عليهم ؛ وعلى ما يستنتجونه من حقائق بائنة ويؤمنون بها !!! "



كان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم مع صحابته وغيرهم "التورية" حتى عند الخطأ الذي لا يمس حدود الله عز وجل وروي عنه أنه قال : "ما بال أقوام" عند تقويم الخطأ أو تصحيح الممارسات أو النصيحة .... وهذا لا يدخل ضمن "السكوت عن الحق " بل ضمن تفهم النفس البشرية التواقة لإظهار الجميل وستر القبيح ؛ والنصيحة للإصلاح لا للفضح والشماتة..
ثم أننا في هذه الحياة ما أحوجنا إلى ترتيب أولويات الإصلاح
"فابدأ بنفسك" منهج حياة ...
ثم " لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" هامة جداً
وبعدها "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" تحديد لمن هم أولى بالتقويم أولاً ...
وقبل ذلك "كل ابن آدم خطاء وخير الخطاؤون التوابون" الخالق المتفضل فتح باب التوبة فلم نوصدها ...
و "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت "
و "من رأى منكم منكراً ؛ فليغيره بيد ؛ فإن لم يستطع فبلسانه ؛ فإن لم يستطع فبقلبه " تدرج وفق قدرة الناصح ومكانته ودوره وحالة المنصوح والموقف .
وأخيراً .... "لايكلف الله نفساً إلا وسعها " فهل من الوسع تنصيب أنفسنا قضاة مقومين لسلوك كل من حولنا ...


إنها النصيحة وأفضلية الأمة "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"
كيف ؟ ومتى ؟ وأين ؟ ولمن ؟
هي ما تحدد سلوكنا ؛ وتعبر عن أفهامنا ؛ وتؤتي ثمار خير وسعة وصلاح ....



لنفسي ولكم أقول :
"فلنبدأ بإصلاح أنفسنا أولاً فالأولى والأولى من ما استرعانا الله عليه ؛ لتصلح الأمة بصلاحنا إن هدانا الله لذلك ؛ -وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله - "

والله الموفق ؛؛؛؛

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق