2010/04/28

أخي يوسف .... أشد به أزري


كتب . عبدالله القرزعي
شخصية مرحة وجادة في نفس الوقت ؛
يكون كأحد أفضل الكوميديين عندما يكون للمرح مجال ؛ له أسلوبه الخاص في نقل الصور والأحداث ... يجبرك على الإنصات والمتابعة والابتسامة ثم الضحك ؛ يؤنس البال ؛ ويذلل المصاعب.
يكون منجزاً وقائداً ومبدعاً حينما يتطلب الأمر ؛ تعلمت منه أشياء كثيرة ؛ أهمها ( ألا أكون أخرقاً ؛ وكيف أقرأ الرجال) .


يكبرني بخمس سنوات في العمر ؛ وأضعاف أضعافها بالخبرة بالرجال والحياة ؛ حكيم أريب ؛ تحل المشكلات -بفضل الله- ثم بفكره كأروع ما يكون.

يوسف في طفولتي كان ذلك المراهق الشديد الذي يذود عن حياضنا في الحي وغيره .
وللكل يقول : ممنوع الاقتراب .. انتبه خطر كبير !!!
كان وزارة دفاع لإخوته الصغار بشجاعته التي تتعدى الحدود ؛
هنئنا في طفولتنا بالأمن والحصانة ؛ مع ذلك لم يرب فينا التعدي والاعتداء على الأخرين ؛ كان يعاقبنا عند الأخطاء كما كان يعاقب المعتدين علينا ..... وهو بذلك حيادي أمين.

توسم يوسف في طفولتي الجرأة التي تحتاج لصقل فاستخدم معي تجاربه البحثية ؛ فقد كنت (كفأر تجارب) لأهم مغامراته ؛ ومن ذلك أن أمسك في الحي هو ورفاقه بحمار صغير (جحش) ؛ ورغبوا في امتطاء ظهره وهو ينشد اللحاق بأمه التي ترمقه من بعيد ..... قدمت إليهم لا أعرف شيء عن الموضوع ، طلب مني يوسف أن أجرب ركوب الحمار الصغير فرفضت ألح وشجعني وحفزني بقوله (إنه حمار صغير مثلك) !!!! ؛ واجهت جرأتي محكاً حقيقياً للشجاعة وأنا في الثامنة من عمري ؟؟؟
ركبت وما أن اعتدلت على ظهر الحمار الصغير إلا وأفلتوه ... فركض بسرعة الريح للحاق بأمه . حتى وصل بي الحال أن أضعت اتجاه الأرض من السماء ... وكنت كمصارعي الثيران الأسبان مع فارق الحلبة ونوع الحيوان ومهارة الفارس ؛ سقطت وتعرضت لبضع عشرة كدمة ..... ( لا بأس فالمحك الأول للشجاعة ؛ يتطلب تضحية).

من أهم الأمور التي تعلمتها من يوسف كيفية الإبداع في حل المشكلات وقضاء حوائجي بنفسي قدر الإمكان ؛ فمنذ الصغر علمني إصلاح الدراجات (السيكل) وبناء أقفاص الحمام وصناعة النباطة لصيد العصافير .... وغيرها من المهارات التي تأتي لاحقاً.

اتجه يوسف في دراسة للتخصصات المهنية فهو فني تقني كهربائي متخصص ومتقن ويمارس الكثير من الأعمال كهواية ؛ في مراهقتي وشبابه كان انموذجاً لي فكل ما يتعلمه في الكلية يعلمني بعضاً منه في الكهرباء ... وأذكر أنني كنت لا أخلو من بعض تجاربه البسيطة !!!! قبل انتقاله لمقر عمله في الرياض ؛ أذكر أنه نادراً ما يدخل سباكاً أو كهربائياً أو عاملاً للمنزل فكل الأعمال أياً كانت كان يقوم بها وكنت مساعداً له .... حتى أنه يضطر أحياناً لشراء أدوات انجاز العمل وخلف وراءه معدات ورشة كاملة.

لاحقاً علمني يوسف قيادة السيارة وصيانتها الأولية وتفقدها ؛ وأذكر أنني كنت أغسل سيارته في الظهر وأجرتي قيادتها لمدة نصف ساعة.

تعاونت مع يوسف في مشروع تجاري صغير وهو تجارة حمام الزينة وكان خبيراً بها ؛ ووصلت تجارتنا بها لعشرات الألاف من الريالات.

من أهم المهارات أيضاً أن تعلمت منه كل المهارات اللازمة لرحلة برية قصيرة وطويلة ونصب المخيمات ؛ وفيها استقيت منه أهمية التوكل لمواجهة الصعاب والأزمات وعدم ندب الحظ والقلق عند كل عائق...

كانت تقريباً تلك المهارة آخر مهارة عن طريق ( تقديم الخبرات المباشرة ) استقيتها من الفذ يوسف ؛ فهو قاموس كبير في حياتي ورمز للعمل والتفكير وسعة البال والصبر.

انتقل يوسف للرياض ؛ وخلف لي مهارات حياتية كثيرة لازلت أستفيد منها بشكل كبير ؛ فقد كان نعم المعلم والمربي.

لاحقاً ومازلت .... استخدم مع يوسف نظام (التعلم عن بعد) فاستقي من خبراته وتجاربه في الحياة رغم صغر سنه ؛ وأعود إليه كمستشار في أمور حياتي.

يوسف الآن رئيسا لإدارة تتبعها عدة أقسام حيوية تابعة لإحدى وزارات الوطن الحبيب ؛ ويسكن في مدينة غير المدينة التي أسكن بها منذ أكثر من 21 سنة ....

يوسف .... إنموذجاً يحتذى فهنيئاً لي به ؛ وبقيمه ومهاراته التي تعلمت منها الكثير .
تحياتي لكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق