2010/04/24

معلمي في الصف الأول الابتدائي ..... شكراً لك


كتب . عبدالله القرزعي
يقال ( الانطباع الأول يبني أكثر من 90% من الانطباع الأخير )
كنت طفل عادي لا أتحدث إلا مع من أعرفهم جيداً ؛ دخلت المدرسة الابتدائية مباشرة دون أن أمر برياض الأطفال ؛ ومن نعم ربي علي أن وفقت بمعلم صف (عطوف ؛ حنون ؛ معطاء ؛ خير ؛ متمكن ؛ ذو قيم عالية ؛ ورائحة زكية) ....
من أهم الاحتياجات السيكولوجية (النفسية) للإنسان وخاصة الطفل ليتوافق اجتماعياً وانفعالياً الحاجة إلى (سلطة ضابطة للسلوك) ولكن هناك حاجة مرتبطة بها وهي حاجة (تقبل السلطة).

ومن المعلوم أن إدارة الصف وضبط السلوك من أهم كفايات المعلم المبدع ؛ ولن يتمكن أي معلم من إدارة الموقف التعليمي التعلمي دون امتلاكة مهارات تلك الكفاية الهامة.... والتي منها أن يمثل (سلطة ضابطة للسلوك- المهمة) وقبل ذلك يسعى لـ(تقبل الطلاب لسلطته-العلاقة) .

الشاهد في الأمر .... أن معلمي في الصف الأول كان منظماً بدرجة مبهرة ؛ أخذنا بالعطف واللين والملاينة حتى تقبلنا سلطته وسارت الأمور كما يريد ؛ أسقانا من فيض خبراته وتربيته الحسنة كل معان جميلة ومهارات أكاديمية رائعة.

كان يدلل ولا يسرف ويعاقب ولا يقسو ؛ المهم أن يدير السلوك ويحدث التعلم .
في يوم كنت متعباً باكياً متثاقلاً ... ولم أتمكن من انجاز كتابة الحروف داخل الصف احتضنني وقبلني ثم وضع يده على جبيني وشعر بحرارتي ومباشرة أخذ بيدي للمدير الإنسان الشيخ (صالح الدهيمان) الذي اصطحبني للمنزل مباشرة بسيارته الخاصة.
ذلك الموقف جعلني أشعر بالأمان كحاجة نفسية هامة وعرفت أنني في أيدٍ أمينة ولم أعد أخاف مجتمع المدرسة.

معلمي كان يحرص عند كل شجار
على أن يتصافح المتشاجران وأن يقول كل منهما للأخر (سامحتك)..... فغرس قيمة (التسامح) فينا.
معلمي عاقب
تلميذ اعتدى على زميله في الفسحة بعد أن صافحه داخل الصف ولم يمتثل للعهد ...... فغرس فينا قيمة (عدم الانتقام).
معلمي خرج بنا لرحلة برية
مازلت أتذكرها ؛ ونظم لنا الألعاب وجمع الحطب لإشعال النار ..... فغرس فينا قيمة (الانتماء).
معلمي ابعد كراسي وطاولات الطلاب جانباً في الصف
وفرش الأرض وصلى أمامنا وصلينا وصوب أخطاءنا ... فغرس فينا أهمية (النمذجة؛ والملاحظة؛ والمحاكاة).

كثيرة الأمور التي فعلها والتي تسمى اليوم (استراتيجيات التدريس) وأجزم بأنه لم يطلع بعد على هذا المصطلح ولا يعرفه ؛ ولكنه طبق ماقاله الصينيون (أعطني معلماً وارمني تحت ظل شجرة) والمعلم (مربي).

دارت الأيام وانتقلنا لمقر سكن جديد ؛ وشاءت الصدف أن يكون هذا المعلم الإنسان جار لنا على بعد خمسة منازل ويجمعنا مسجد واحد ؛ كنت أسكن مع والدي وكان يسكن مع والده الشيخ الجليل الفاضل –رحمه الله- الذي كان يداعبنا ويمازحنا عند المسجد ؛ كنت في الصف الأول متوسط وحتى تخرجت من الجامعة لاأملك سوى السلام على معلمي وشوقي له يزداد بأمنية تقبيل رأسه وشكره .... ومنعني ضعف مهارة (التواصل الاجتماعي) مع الكبار ...

ومن نعم ربي علي .... أن توظفت معلماً ودرست الصف الأول الابتدائي وحاكيت نموذجه الزاهي ؛ وزرته قبل ذلك في منزله لأستقي منه المعاني والقيم الجميلة ؛ وكان يفصل في كل شيء افعل ولا تفعل ولما تفعل ؟.

سبحان الله .... رشحت مشرفاً للصفوف الأولية وكان معلمي في أواخر مشواره الحافل وأشرفت عليه ؛ وكان محفزاً لي مفتخراً بنتاجه .

قُدر أن أصادفه في أحد الأعياد ؛ فقبلت رأسه أمام أبنائه وقلت: هذا والدي ووالدكم فهنيئاً لكم به أباً ومعلماً.
ابتسم وشكرني وقال : وأنا فخور بك ؛ جعلك الله من خير أعمالي الصالحة.

المربي الفاضل والتربوي المتمكن الأستاذ. عبدالرحمن بن علي السلمي جزاك الله عنا خير جزاء فأنت من أجمل ما واجهت في حياتي ؛ كنت كالبلورة مضيء في ذاتك مضيء لغيرك في طريق الخيروالصلاح.

تحياتي لكم ؛؛؛

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق