2009/06/16

جوانب إنسانية في لائحة تقويم الطالب في المرحلة الابتدائي (ورقة عمل)


تقديم

يعد تقويم التحصيل الدراسي من أهم أركان العملية التعليمية والتربوية ، وعندما يوجد خلل في مخرجات التعليم فلابد من وجود خلل واضح في التقويم وعملياته حيث تبنى جميع استراتيجيات التعليم عليه .

ومن هذا المنطلق كان سعي وزارة التربية والتعليم لتطوير عمليات التقويم المستخدمة في مدارسها خطوة هامة جداً ضمن خططها الرامية لتحسين مخرجات التعليم في المملكة العربية السعودية .

وفي هذه المقالة سوف أستعرض الجوانب الإنسانية في لائحة تقويم الطالب/ة الجديدة وذلك بالمقارنة مع لائحة الاختبارات السابقة ..





لائحة الاختبارات السابقة مالها وما عليها




لاشك أن لائحة الاختبارات السابقة كانت ملائمة جداً عندما أقرت في عام 1395 هـ حيث أعطت كل ما لديها حتى عام 1419هـ وقد كانت هذه اللائحة تتميز بما يلي :




*استخدامها معياراً سهل (الأهداف التدريسية) وقياسها من قبل أي معلم عبر (الاختبارات المعيارية) .


* قلة أدوات القياس المستخدمة ( اختبارات معيارية ، واجبات ، مشاركة ) فقط


* التعبير الكمي (بالدرجات) عن مستوى تحصيل الطالب والذي كان يعطي ولي أمره تصوراً واضحاً عن مستوى ابنه.


* تحديد أوقات محددة لإجراء عملية التقويم .


ولكن في المقابلوجد أن النظرة حول إيجابيات لائحة الاختبارات السابقة تغيرت للأسباب التالية :


* الفهم الخاطئ للاختبارات المعيارية باعتبارها غاية وليست وسيلة لقياس تحصيل الطالب .


* ضعف الإعداد والرقابة على بناء المعلمين لأسئلة الاختبارات حيث أصبحت لا تقيس مستوى الطالب الفعلي ولا تغطي جزئيات المقررات الدراسية


* تقسيم درجات الاختبارات (فترات متعددة) مما جعلها مرهقة للطالب وولي أمره .


* ضعف التنظيمات الخاصة بمتابعة الطالب المتأخر دراسياً .


* توجه جهود كثير من المدارس إلى التدريس من أجل الاختبار وتثبيت القيمة الخاطئة للتعلم لدى الطلاب والتي مفادها ( أتعلم لأحفظ معارف ولأحقق درجات وأنجح) لا لأطبق ما تعلمته في حياتي .




هذا بالإضافة إلىأسباب أخرى أضعفت من قوة لائحة الاختباراتوجعلتها غير قادرة على مواجهة متطلبات العصر ، ومنها :




* كثرة التعديلات والتعليمات المفسرة والمنظمة للائحة الاختبارات مما كون لائحة أخرى .


* عدم اعتمادها على التقويم المستمر كأحد أهم أساليب التقويم البديل الذي طوره علم النفس المعرفي وعلم القياس والتقويم.


* عدم مواكبة التطور الواضح في أدوات القياس والتقويم الحديثة ومنها التقارير والمشاريع والبورتفوليو .


* ضعف تأهيل المعلم في كفاية بناء الاختبار المعياري الجيد وتحليل النتائج وتقويم تحصيل الطالب.


* اعتمادها على أدوات قياس محدودة وإن كانت معتمدة وأساسية إلا أنها لا تغطي جميع جوانب التحصيل الدراسي وتركز على المعرفة وتهمل الأداء .




وكنتيجة طبيعية لكل ما سبق كان من الطبيعي أن تسعى الوزارة منذ عام 1407هـ للبحث عن لائحة جديدة 1420هـ لتقويم مستوى الطالب بشكل أدق وأكثر تنظيماً وتواكب التقدم في علم القياس والتقويم مع تلافي سلبيات اللائحة السابقة .




ولكن التغيير في الجانب التربوي يحتاج لوقت طويل لملامسة الأثر وجدوى التغيير ، فكما أعطيت اللائحة السابقة فرصة امتدت لقرابة ( 25 ) عام تقريباً فمن حق اللائحة الجديدة أن تأخذ وقتها وهذا ما لم يتوفر لها حيث وجهت لها الانتقادات غير المبنية على أسس علمية وهي في بداياتها !!




لائحة تقويم الطالب ودلالة التسمية




من التسمية فقط نلاحظ الشمولية لجميع أدوات القياس والتقويم المتاحة ، حيث ترك المجال للمعلم لاستخدام أداة القياس الملائمة للمهارة وفردية الطالب فقد يستخدم ( الاختبارات محكية المرجع تحريرية ، شفهية، عملية- ، الواجبات ، الواجبات المنزلية ، المشاركة ،التقارير ، الملاحظة المقصودة ، المشاريع الصغيرة ... ) فتقويم التحصيل الدراسي أهم وأكبر من أن يختزل في نوع واحد فقط من مقاييسه وهي الاختبارات المعيارية .




لائحة تقويم الطالب والطالب متدني التحصيل




تضمنت اللائحة إجراءات عملية لمتابعة الطالب متدني التحصيل واعتبرته من أهم مسؤوليات المعلم والمدرسة وأضافت لجنة جديدة تهتم بذلك وهي لجنة التوجيه والإرشاد ، ويجب أن يخضع لتشخيص علمي دقيق وتحديد للمشكلة ومن ثم إعداد برامج علاجية منظمة سواء كانت فردية أو جماعية لتقديم حلول للمشكلة التي قد تعيق تحصيله الدراسي وتقدمه. وقد أقرت اللائحة الجديدة فئات كثيرة من متدني التحصيل ومنهم (التأخر الدراسي – صعوبات التعلم – بطء التعلم ) هذا غير فئات التربية الخاصة الأخرى التي اقترحت لهم جملة من أساليب التعامل مع تقويم تحصيلهم الدراسي حسب نوع الإعاقة.




لائحة تقويم الطالب ومعيار الحكم على مستوى طالب المرحلة الابتدائية




اعتمدت اللائحة في الحكم على مستوى طالبالمرحلة الابتدائية على المعيار الوصفي الذي يتضمن الكثير من الجوانب الإيجابية ومنها :




* يعتمد المعيار الوصفي على وصف مستوى الطالب ( متقن ، غير متقن ) لمهارات المادة .


* يتيح المعيار الوصفي للمعلم استخدام أدوات القياس المناسبة لمادته ومهاراتها والظروف البيئية المحيطة ، فقد يستخدم معلم الرياضيات الاختبارات محكية المرجع التحريرية والشفهية والعملية .. وقد يستخدم معلم الفقه الاختبارات محكية المرجع التحريرية والشفهية والعملية والملاحظة المقصودة.. وقد يستخدم معلم العلوم الاختبارات محكية المرجع التحريرية والشفهية والعملية والملاحظة المقصودة والتقارير والمشاريع الصغيرة ... وهكذا .


* يعتمد المعيار الوصفي على التقويم المستمر لمستوى تحصيل الطالب ويتيح له فرصة إتقان المهارات منذ أول يوم دراسي وحتى آخر يوم من العام الدراسي .


* يضع المعيار الوصفي المعلم في حالة تقويم ذاتي مستمر لاستراتيجياته التدريسية ، ولذلك يقترح عليه عدة أساليب لمتابعة الطالب متدني التحصيل ويترك للمعلم اختيار الأسلوب المناسب لعلاج تدني الطالب بالتعاون مع المعلمين والمرشد الطلابي وأخصائي صعوبات التعلم وولي أمر الطالب والجهات المعنية.....


* يشترط المعيار الوصفي إتقان الطالب ( لمهارات الحد الأدنى ) قي كل مادة للانتقال من صف لآخر .


* لا يحكم على الطالب بالبقاء إلا بعد مناقشة وضعه من قبل لجنة التوجيه والإرشاد بعد متابعته من قبلها لمدة عام دراسي والنظر في مدى استفادة الطالب من البرامج العلاجية .




الجوانب الإنسانية في لائحة تقويم طالب المرحلة الابتدائية




بعد أن تعرفنا على بعض تنظيمات اللائحة يمكننا أن نستنتج الجوانب الإنسانية فيها والتي منها :




1) تؤكد اللائحة على استحالة دراسة الطالب في صف دراسي دون الإلمام ببعض المهارات والعلوم والمعارف ، خاصة إذا كان هذا الطالب طبيعي القدرات ( ولذلك لا وجود لدرجة الصفر في التقويم الوصفي ).


2) حددت اللائحة قائمة بمهارات كل مادة كما حددت المهارات التي يجب أن يتقنها كل طالب ينتقل من صفه .


3) تعطي اللائحة الفرصة للطالب لإتقان المهارات المطلوبة على مدى عام دراسي فلا يوجد فصل أول وفصل ثاني وذلك إيماناً منها بمرحلة النمو التي يمر بها الطالب .


4) تفرض اللائحة التشخيص وتنظيم برامج علاجية للطالب المتدني منذ بداية العام الدراسي وحتى نهايته يشترك في تخطيطه وتنفيذه وتقويمه المعلم والمختصين في المدرسة وولي الأمر .


5) استبدلت لائحة تقويم الطالب لفظ ( راسب ) للطالب الذي لم يتقن مهارات الحد الأدنى للمادة بلفظ


( يبقى الطالب في صفه ) وذلك لتقليل الأثر النفسي عليه .


6) ذكرت اللائحة أن الدافع للطالب من الذهاب للمدرسة يجب أن يكون تحقيق النجاح والانتقال وليس الخوف من الاختبارات والفشل .




7) قسمت اللائحة انتقال الطالب من عدمه إلى عدة أقسام وهي :




· الانتقال الطبيعي ( ويقصد به ذلك الطالب الذي ينتقل بعد إتقانه لمهارات جميع المواد ) .


· الانتقال المشروط ( ويقصد به ذلك الطالب الذي ينتقل من قبل لجنة التوجيه والإرشاد أو معلم المادة مع التأكيد على استكمال البرامج العلاجية في بعض المهارات ) .


· يبقى الطالب ( ويقصد به بقاء الطالب في صفه بسبب عدم اكتمال مرحلة النمو واستعداده الدراسي ) .


· يبقى الطالب ويحول للبرامج المساندة ( ويقصد به ذلك الطالب الذي يعاني من قصور واضح في قدراته الجسمية أو العقلية .. ومن البرامج المساندة ما يلي :(* معاهد التربية الفكرية * معاهد التأهيل الشامل ... )




8) أقرت اللائحة تنظيماً خاصاً حول إمكانية دخول الطالب للمدرسة أو انتقاله لصف أعلى مباشرة طالما


تسمح مهاراته بالدراسة في هذا الصف .




9) ألغت اللائحة اختبارات الدور الثاني لطلاب المرحلة الابتدائية لأسباب منها :




- أن الطالب قد استنفذ جميع الجهود المتاحة لتحقيق الانتقال خلال عام دراسي كامل .


- عدم تقدير الطالب في هذه المرحلة لاختبار الدور الثاني ومتطلباتها، حيث يختبر الطالب ويبقى في كثير من الحالات .


- حاجة الطالب في هذه المرحلة إلى اللعب حيث يعد أحد متطلبات النمو ، وبالتالي فإن بقاء الطفل لاستذكار دروسه خلال الإجازة سوف يحرمه من هذه الحاجة التي تعتبر ضرورية لبناء شخصيته ، كما أنه قد يكره الدراسة بسبب هذا الحرمان !!


10) تؤكد اللائحة على تزويد ولي الأمر أولاً بأول بمستوى ابنه والصعوبات التي تواجهه ؛ وإشراكه في تذليل تلك الصعوبات التي قد تعيق تحصيل ابنه وذلك منذ بداية العام الدراسي.




ختاماً ..


أتمنى من الله عز وجل أن ينفع أبناء الأمة بهذا التنظيم وأن يزيد من الجودة النوعية لمخرجات التعليم في هذا البلد المعطاء ، وهذا يتطلب ممارسات وتطبيقات واعية بالتنظيم وعدم مقاومته من قبل القيادات والمعلمين وتصحيح التطبيقات الخاطئة بهدوء إن وجدت بهدوووووء تام.




وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد ابن عبد الله النبي الأمين وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ،،،



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق