2014/10/24

التقويم المستمر ... وتفعيل الاختبارات التحريرية

 

كتب. عبدالله بن علي القرزعي


أقرت اللجنة العليا لسياسة التعليم في وطننا الغالي عام 1419-1420هـ لائحة تقويم الطالب في التعليم العام .

جاءت اللائحة لتحل محل (لائحة الاختبارات) بمفاهيم أوسع وأكثر علمية لمفهوم تقويم التحصيل الدراسي ، وفي مجمل الأمر لم تأتي اللائحة استجابة لرغبة التغيير فقط بل أتت استجابة لتطور علم القياس والتقويم وفروعه ومنها التقويم البديل الذي شهد تحولات عدة في مفهوم تقويم تحصيل الطالب استجابة لتحول غايات التربية والتعليم من التعلم للوظيفة إلى التعلم للحياة والتعلم المستمر.

كانت اللائحة قد أجابت في موادها الأساسية ومذكرتها التفسيرية على عديد التساؤلات وبثت عديد المفاهيم الجديدة على ميداننا الذي كان يعتبر أن الاختبارات هي وحدها من تقيس مستوى تحصيل الطالب وأن الهدف من ذلك هو تصنيف الطلاب إلى راسب وناجح !!

توسعت اللائحة في طرح مفاهيم القياس والتقويم البديل للاختبارات وأن تقويم تحصيل الطالب عملية ينشد منها بناء كافة القرارات في النظام التعليمي وليس فقط نجاح أو رسوب الطالب ....، إضافة إلى جملة من المفاهيم التربوية الهامة.

المتغير الرئيس في لائحة تقويم الطالب كان

· نقل معيار الحكم على تحصيل الطالب في الصفوف الأولية من المرحلة الابتدائية من معيار كمي بالدرجات وبأداة واحدة هي الاختبارات

· إلى المعيار الوصفي (أتقن -لم يتقن) بأدوات عدة منها الملاحظة والتدريبات والواجبات والتطبيق العملي والاختبارات بأنواعها .... وهو ما أصطلحت عليه اللائحة (التقويم المستمر) ...

أقرت اللائحة على مدارس البنين باعتبار انفصال تعليم البنين عن البنات في وزارة ورئاسة وبعد دمج القطاعين أقرت على مدارس البنات 1422-1423هـ .

وكأي عملية تغيير واجهت اللائحة تحديات ميدانية .. من وجهة نظري لم تخطط وزارة المعارف أنذاك لها بما يجب ومن ذلك :

1. أن اللائحة بناء وتنظيم علمي شامل حل على ميدان تأصلت فيه ممارسة أداة واحدة لقياس وليس تقويم تحصيل الطالب. فكان هناك قناعات لم يخطط لاستهدافها بشكل علمي ليتم التطبيق وفق ما تضمنته اللائحة.

2. لم يعنى بجانب التدريب على مختلف المستويات قيادات مشرفين مديرين معلمين وهي الفئة الأهم .. وتنبهت الوزارة لذلك بعد تعديل اللائحة 1426-1427هـ وتوسع تطبيق التقويم المستمر للصفوف العليا من المرحلة الابتدائية.

3. كون المتغير الأساس هو التقويم المستمر ... لم يثرى الميدان بتجارب عالمية ومراجع توضح مفهومه وممارساته.

4. بتر مفهوم التقويم المستمر بعدم اعتماد البورتفليو (ملف إنجاز الطالب ) الذي يعبر عن تحصيل الطالب ويجمع فيه مايثبت تعلمه واتقانه !!؟ وحتى تاريخه لم يعتمد العمل به.

5. استخلاص المهارات المطلوب اتقانها من مقررات بنيت حسب مفهوم اخر للقياس والتقويم ؟!! وهذه العملية تمت مقلوبة فالأصل تصميم المقررات بناء على مفهوم الكفايات والمهارات المطلوبة.

ماسبق كانت تحديات أوجدت عدة صعوبات ومعوقات لتطبيق أمثل لمفاهيم التقويم التي جاءت به اللائحة فانقسم الميدان إلى فرق :

· الجاد المتحري الذي لم يجد مراجع وبرامج تدريبية تجيب عن تساؤلاته وكيف يمارس ويطبق التقويم المستمر ؟ وظل يعمل على حسه التربوي في تقويم تحصيل الطالب.

· الوسط المحايد المحاكي الذي يستمد ممارساته من السائد وسط اجتهاد الجميع.

· غير المبالي الذي اعتمد الملاحظة والتقدير دون أسس ومؤشرات علمية ويمنح الاتقان كيف ما اتفق.

وأي نظام تربوي يسمح فيه بالاجتهاد وتضعف وتتشتت فيه مرجعية الممارسات الأساسية من الطبيعي أن يجني نواتج غير معلومة الهوية . ومن أسس بناء المشاريع التطويرية توقع النتائج والعمل على استيفاء متطلبات مواجهة التحديات ..

تباعاً لاحظت الوزارة عبر مؤشرات عدة تدني مخرجات التعليم حيث لاتصل لمستوى الطموح أو ماتبذله الدولة على نظام تربوي معني ببناء هويتها ومستقبلها ...

جيل بعد جيل وخلال 15 عاماً يحاول قادة العمل التربوي استدراك مايمكن استدراكه والابقاء على الايجابيات والمكتسبات ومعالجة الفجوات السلبية ...

مؤخراً ..

تبنت الوزارة الاختبارات التحصيلية كأداة لقياس وتقويم مستوى تحصيل الطالب في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة وقد كشفت مؤشرات تلك الاختبارات الحاجة إلى اجراءات علاجية وتدخلات عاجلة لاستدراك مايجب استدراكه ...

وكان من أهم تلك الاجراءات ( التأكيد على تفعيل الاختبارات التحريرية في المرحلة الابتدائية ) وهي خطوة أراها ايجابية وستضفي مؤشرات موضوعية على مستوى التعليم والتعلم .. ولاحقا قننت أوقات لها ضمن التقويم الدراسي وشددت أن تكون ضمن شواهد اتقان الطالب ...

بقي أن أشير إلى أن هذا الإجراء رغم موضوعيته إلا أنه بوضعه وصيغته الحالية (قد) يعيدنا للمربع الأول حيث ستعتمد الاختبارات ونتائجها فقط وستهمل باقي أدوات التقويم .. وكأننا أمضينا 15 عاماً من التوسع الذي أخل وأضر وأدى إلى تدني النواتج ومن مسبباته عدم استيفاء متطلبات التغيير كما ذكرت سابقا ...

وليأتي الطرح بخلاصة تحدد الرؤية أؤكد على أهمية مايأتي :

1. اقرار العمل بملف انجاز الطالب كوجه اخر لعملة التقويم المستمر ومتلازم ضروري وفق الأدبيات العلمية ونتائج التجارب والدراسات.

2. اعادة النظر في منهجية وآلية عمل ومهام لجنة التوجيه والإرشاد وصلاحياتها كونها مع أهميتها تمارس أدواراً تقليدية ..

3. تقنين معايرة الاختبارات وماذا تعني ؟ وأين تقع ؟

وسبق أن طرحت من خلال ورقة عمل للمؤتمر الخاص بالتقويم المستمر قبل أربع سنوات أن الأفضل

تقسيم معيارية الحكم إلى :

· كمي بدرجات واختبارات ويعادل 40%

· وصفي بأدوات القياس والتقويم الأخرى بما يعادل 60% من أداء الطالب.

ختاماً ... أسأل الله الكريم بمنه وفضله ورحمته أن يوفق قادة البلاد وقادة العمل التربوي والمعلمين والمعلمات لما فيه خير وصلاح أمة الإسلام والسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق