جسور تربوية - د.محمد عبدالهادي
تميز ذوو الصعوبات التعلميّة عادة، بمجموعة من السلوكيات التي تتكرر في العديد من المواقف التعليمية والاجتماعية، والتي يمكن للمعلم أو الأهل ملاحظتها بدقة عند مراقبتهم في الواقف المتنوعة والمتكررة. ومن أهم هذه الصفات ما يلي :
1. اضطرابات في الإصغاء:
تعتبر ظاهرة شرود الذهن، والعجز عن الانتباه، والميل للتشتت نحو المثيرات الخارجية، من أكثر الصفات البارزة لهؤلاء الأفراد. إذ أنّهم لا يميّزون بين المثير الرئيس والثانوي. حيث يملّ الطفل من متابعة الانتباه لنفس المثير بعد وقت قصير جداً، وعادة لا يتجاوز أكثر من عدة دقائق. فهؤلاء الأولاد يبذلون القليل من الجهد في متابعة أي أمر، أو أنهم يميلون بشكل تلقائي للتوجه نحو مثيرات خارجية ممتعة بسهولة، مثل النظر عبر نافذة الصف، أو مراقبة حركات الأولاد الآخرين. بشكل عام، نجدهم يلاقون صعوبات كبيرة في التركيز بشكل دقيق في المهمات والتخطيط المسبق لكيفية إنهائها، وبسبب ذلك يلاقون صعوبات في تعلم مهارات جديدة (Mayes, Calhoun, & Crowell, 2000).
2. الحركة الزائدة:
تميّز بشكل عام الأطفال الذين يعانون من صعوبات مركبة من ضعف الإصغاء والتركيز، وكثرة النشاط، والاندفاعية، ويطلق على تلك الظاهرة باضطرابات الإصغاء والتركيز والحركة الزائدة (ADHD). وتلك الظاهرة مركبة من مجموعة صعوبات، تتعلق بالقدرة على التركيز، وبالسيطرة على الدوافع وبدرجة النشاط (Barkley, 1997). وعرِّفت حسب الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين (DSM-4: American Psychiatric Association, 1994)، كدرجات تطورية غير ملائمة من عدم الإصغاء، والاندفاعية والحركة الزائدة. عادة، تكون هذه الظاهرة قائمة بحد ذاتها كإعاقة تطورية مرتبطة بأداء الجهاز العصبي، ولكنها كثيراً ما تترافق مع الصعوبات التعلمية. وليس بالضرورة أن كل من لديه تلك الظاهرة يعاني من صعوبات تعلمية ظاهرة (Barkley, 1997).
3. الاندفاعية والتهور:
قسم من هؤلاء الأطفال يتميزون بالتسرع في إجاباتهم، وردود فعلهم، وسلوكياتهم العامة. مثلاً، قد يميل الطفل الى اللعب بالنار، أو القفز إلى الشارع دون التفكير في العواقب المترتبة على ذلك. وقد يتسرع في الإجابة على أسئلة المعلم الشفوية، أو الكتابية قبل الاستماع إلى السؤال أو قراءته. كما وأن البعض منهم يخطئون بالإجابة على أسئلة قد عرفوها من قبل، أو يرتجلون في إعطاء الحلول السريعة لمشاكلهم، بشكل قد يوقعهم بالخطأ، وكل هذا بسبب الاندفاعية والتهور (Levine and Reed, 1999; Lerner, 1993).
4. صعوبات لغوية مختلفة:
لدى البعض منهم صعوبات في النطق، أو في الصوت ومخارج الأصوات، أو في فهم اللغة المحكية. حيث تعتبر الدسلكسيا (صعوبات شديدة في القراءة)، وظاهرة الديسغرافيا (صعوبات شديدة في الكتابة)، من مؤشرات الإعاقات اللغوية. كما ويعد التأخر اللغوي عند الأطفال من ظواهر الصعوبات اللغوية، حيث يتأخر استخدام الطفل للكلمة الأولى لغاية عمر الثالثة بالتقريب، علماً بأن العمر الطبيعي لبداية الكلام هو في عمر السنة الأولى.
5. صعوبات في التعبير اللفظي (الشفوي):
يتحدث الطفل بجمل غير مفهومة، أو مبنية بطريقة خاطئة وغير سليمة من ناحية التركيب القواعدي. هؤلاء الأطفال يستصعبون كثيراً في التعبير اللغوي الشفوي. إذ نجدهم يتعثرون في اختيار الكلمات المناسبة، ويكررون الكثير من الكلمات، ويستخدمون جملاً متقطعة، وأحياناً دون معنى؛ عندما يطلب منهم التحدث عن تجربة معينة، أو استرجاع أحداث قصة قد سمعوها سابقا. وقد تطول قصتهم دون إعطاء الإجابة المطلوبة أو الوافية. ان العديد منهم يعانون من ظاهرة يطلق عليها بعجز التسمية (Dysnomia)، أي صعوبة في استخراج الكلمات أو إعطاء الأسماء أو الاصطلاحات الصحيحة للمعاني المطلوبة. فالأمر الذي يحصل لنا عدة مرات في اليوم الواحد، عندما نعجز عن تذكر بعض الأسماء أو الأحداث، نلاحظه يحدث عشرات، بل مئات المرات لذوي الصعوبات التعلميّة.
6. صعوبات في الذاكرة:
يوجد لدى كل فرد ثلاثة أقسام رئيسة للذاكرة، وهي الذاكرة القصيرة، والذاكرة العاملة، والذاكرة البعيدة. حيث تتفاعل تلك الأجزاء مع بعضها البعض لتخزين واستخراج المعلومات والمثيرات الخارجية عند الحاجة اليها. الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلميّة، عادة، يفقدون القدرة على توظيف تلك الأقسام أو بعضها بالشكل المطلوب، وبالتالي يفقدون الكثير من المعلومات؛ مما يدفع المعلم إلى تكرار التعليمات والعمل على تنويع طرق عرضها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق