2010/08/11

صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ... اختلاف أم خلاف


كتب . عبدالله القرزعي

شد انتباهي تلك المقالة الرائعة التي وجدتها في أكثر من موقع ؛ إليكم تفاصيلها ثم أعلق عليها :

جدل سنوي معتاد في الدول الإسلامية حول قضية ثبوت رؤية الهلال لإثبات دخول شهر رمضان المبارك وتحديد يوم العيد ...

ومع أن البعض يرى أن تلك القضية تشغل الشارع الإسلامي من الشرق إلى الغرب وتزيد من مساحة الاختلاف والتباعد بينهما إلا أنه أمر وجد منذ بزوغ فجر الإسلام حيث إثبات رؤية الهلال يعتمد على العين المجردة أو إكمال شهر شعبان 30 يوما ؛ عملا بما أمر به النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".

ورغم اتفاق جميع المسلمين بمختلف مذاهبهم على الشهور الإسلامية القمرية لا يزالون غير متفقين على تحديد يوم محدد لبداية الشهر إن على مستوى العالم الإسلامي أو البلد الواحد وحتى على مستوى المدينة أو في وسط المذهب الواحد أحيانا.
وقد لا يتفقون أيضاً على إمكان الإفادة من علم الفلك والأجهزة الدقيقة التي تستطيع رصد ما يحدث في كواكب تبعد كثيراً عن القمر الذي حط الإنسان إلى سطحه، ويتواصل الاختلاف على هلاله، وذلك أيضاً رغم وجود عدد من المتخصصين المسلمين في علم الفلك والفضاء.

ويرجع عدد من المهتمين والباحثين أسباب الاختلاف على رؤية الهلال في المجتمعات الإسلامية إلى تراكمات سابقة في التفكير والاختلاف السياسي والمذهبي بين أفراد الأمة الإسلامية، كما إلى عدم التعامل مع هذه المناسبة المهمة التي أصبحت من المظاهر الإسلامية في الشكل المطلوب .

ويرجعون الأسباب أيضاً إلى أن كثراً من العلماء والمتصدين لا يزالون يتعاملون مع القضية بالعقلية السابقة "زمن الأقاليم المقطوعة عن الآخرين وعدم معرفة ما يحدث خارج أسوار البلدة"قبل الطفرة الحديثة في العلوم ومنها الثورة المعلوماتية والاتصالات التي جعلت
العالم كقرية صغيرة بدون حواجز أو حدود.

رغم كل هذا التطورات الكونية وتأسيس دول دمجت فيها قبائل ودويلات صغيرة عدة وأقاليم كان الاختلاف بينها السمة الرئيسية.
لا يزال هلال شهر رمضان يشكل ظاهرة الاختلاف والتشتت فيما بين الدول الإسلامية وشعوبها، فلماذا لا يتم الاتفاق بين علماء الدين وعلماء الفلك والفيزياء والفضاء في العالم الإسلامي على حسم إثبات رؤية الهلال في ضوء التطور العلمي؟

لقد ارتفعت في الفترة الأخيرة بعض أصوات العلماء، وثلة من المسلمين تطالب بالإفادة من علم الفلك من أجل الاتفاق على وقت واحد لتأكيد الوحدة بين أبناء الأمة الإسلامية في هذه مناسبة صوم شهر رمضان المبارك وعيد الفطر العزيزة على الجميع.

وتشكل ظاهرة الاختلاف في ثبوت هلال شهر رمضان للصوم وهلال شهر شوال للعيد حالة مزعجة غير حضارية وغير محببة لجميع أبناء الأمة الإسلامية في بلدانهم أوفي بلاد المهجر التي انتقلوا إليها وهي تساهم في قتل الفرحة بالمناسبة الغالية.

رؤية الهلال فرض كفاية وشهادة رجلين عادلين كافية للإعلان ...
ولهذا يحرص عدد من المسلمين، وبخاصة من عندهم قوة في البصر ومعرفة بالفلك وبالأوقات والمواقع والمنازل التي يظهر فيها الهلال على الخروج إلى خارج المدن والى أماكن مرتفعة صافية، وتكون تلك الاستطلاعات أحيانا برفقة العلماء الكبار أو من يمثلهم، وعند معرفة الخبر عبر التأكد والاطمئنان من عدالة الشهود ومطابقة الرؤية يتم اعلان اثبات رؤية الهلال ودخول شهر رمضان المبارك أو العيد.

ولكن بسبب عدم اطمئنان العلماء الكبار غالبا من الشهود إلى ثبوت الرؤية وحرصا على الوصول إلى اليقين يحصل أحياناً كثير من التأخير في إعلان دخول الشهر أو بداية العيد، إلى درجة أن عدداً من المسلمين ينامون بدون الحصول على الخبر الأكيد وفي الصباح يُفاجأون بدخول شهر رمضان أو بالعيد مما يؤدي إلى الارتباك والوقوع في أزمة.

ومن أشهر أزمات الأهلة التي مرت بالأمة الإسلامية في التاريخ الحديث عام 1984م عندما صام المسلمون في السعودية 28 يوما فقط.

والمشكلة في عدم الاتفاق ونشوء الاختلاف على دخول شهر رمضان المبارك وشهر شوال تعود إلى عدم الاهتمام بتحري الهلال لجميع الشهور وليس فقط شهر رمضان وشوال، وعدم بذل محاولات جادة من المسؤولين والجهات العلمية في العالم الإسلامي بجميع مذاهبهم للاتفاق على تلك النتائج قبل الوصول إلى أزمة إثبات شهر رمضان، وعدم العناية والاهتمام بتحري الهلال في جميع البلدان الإسلامية من خلال مواقع عدة وفي شكل جماعي.

لقد اتفق علماء الأمة الإسلامية من جميع المذاهب على طرق إثبات دخول رمـضان المبارك عبر:
رؤية الهلال أو إكمال شهر شعبان 30 يوما.
لكنهم اختلفوا على الرؤية:
هل يجب حكماً أن تتم بالعين المجرة أم تجوز وسائل أخرى مثل التلسكوبات؟
معظم العلماء اتخذوا موقف وجوب رؤية الهلال بالعين المجردة التزاما بالحديث النبوي، وعدم لجوء النبي الكريم أو الجيل الأول من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم إلى علماء الفلك في ذلك الشأن.
واستندوا إلى ان الصيام ليس عملية حسابات نظرية وتوقعات فيزيائية وفلكية تصيب وتخطئ. ووصل رفض بعض العلماء لعلم الفلك إلى حد تسميته بعلم التنجيم، بينما يرى بعضهم أنه إذا حصل العلم، أو الاطمئنان من الحسابات الفلكية بظهور الهلال في اُفق البلد، إلى حد يقبل الرؤية بالعين المجردة ، لولا الموانع ، فيمكن الاعتماد عليها.

وهناك بعض من علماء الدين والفلك يرى ضرورة الإفادة من علم الفلك لأنه أدق، وان هناك حالة من الازدواجية لدى بعض العلماء والرافضين لدخول الفلك في حسم قرار إثبات الهلال، إذ أن الجميع يعتمد على الحسابات الفلكية في دخول بقية الشهور وعلى مواقيت الصلاة ومواعيد الإفطار والإمساك في شهر رمضان المبارك، وذهب بعض العلماء في عصرنا إلى إثبات الهلال بالحساب الفلكي العلمي القطعي، مشيرين إلى أن الشرع المقدس أكد على ثبوت دخول شهر رمضان أو الخروج منه بالرؤية البصرية، سواء كانت بالعين المجردة أو بواسطة المراصد.

ويرى المؤيدون لفكرة الإفادة من علوم الفضاء والفلك في إثبات الهلال أنه حل للانقسامات في العالم الإسلامي، ونجاة من الوقوع في الأخطاء إذ إن بعض الدول الإسلامية يعلن رؤية الهلال رغم تأكيدات علماء الفلك والفيزياء استحالة رؤيته.

تعليقي :

لا أرى ضرورة لتوحيد الرؤية وتوحيد دخول الشهر وحتى يوم العيد بين أقطار ودول الأمة الإسلامية والمسلمين في كافة أنحاء المعمورة المترامية الأطراف والمختلفة الأماكن والتوقيت.
فظاهر حديث النبي صلى الله عليه وسلم يفيد بأن الصيام والفطر بداية ونهاية يثبت بالرؤية وفيم اعتمدت الرؤية بالعين المجردة أو الأجهزة الفلكية فلا يعني ذلك توحيد الأمة ؛ بل سينشأ اختلافات لأمور واعتبارات أخرى .
ولذلك أرى أن الإقرار بأن الاختلاف ناجم عن التحري وأسلوبه وأن لا ضير في ذلك هو الحل الأمثل .... دون إدخال اعتبارات وتفسيرات أخرى تشعب الموقف وتؤجج مشاعر المسلمين وتفسد عليهم فرحتهم بالصوم وعيد الفطر وتصرفهم عما يجب فعله في مثل تلك الشعائر.


والله الموفق ؛؛؛

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق