2010/05/04

كيف تجعل من طفلك مبدعًا؟



نيفين عبدالله
كل منا يتمنى أن يكون طفله من المبدعين؛ هنا لا بد نقف عند صفات المبدعين لنحاول أن نكسبها أطفالنا منذ وقت مبكر .

ويجدر بنا الإشارة إلى أن الإبداع ليس منحصرًا في مساحة الكتابة والفنون كما قد يعتقد؛ ولذا اهتمي بالتنمية الشاملة لطفلك الصغير، وأوجدي البيئة التي تدعم أي تفكير سوي وفعَّال، واهتمي بالمناحي المختلفة للنمو.. وستجدين حينها تلقائيًّا طفلاً مبدعًا ذا تفكير فعّال، أي "قادر على التفكير السليم المنتج".
وكل فرد يمكنه أن يتعلم كيف يفكر إبداعيًّا وكيف يسلك سلوكًا مبدعًا في حياته؛ إلا أنه من المهم أيضًا التسليم بحقيقة هامة مفادها أن الإبداع يتطلب بيئة ومناخًا وظروفًا تساعد على الإبداع؛ ذلك لأن الإبداع يعني الاختلاف وربما الخروج عن المألوف؛ وعدم المسايرة.. وهذه الأمور ليس من السهل دومًا تقبلها أو تحمل تبعاتها.

وأول ما يوفر هذه الظروف هو البيت وطبيعة الأشخاص الذين ينعم الطفل في كنفهم؛ لذا حين تتمنين أن يصبح طفلك مبدعًا عليك بتوفير البيئة له؛ إضافة لتعلمك أنت أيضًا التفكير الإبداعي فهذا مما يسهل الطريق كثيرًا.
وجدير بالذكر أننا لا نبدع في فراغ ولا نبدع بغرض الإبداع في حد ذاته؛ لكن الله سبحانه وتعالى حين دعانا لعمارة الأرض ميزنا بالعقل لنميز ونبتكر ما من شأنه أن يحسن ويجود هذه الحياة، ويساعدنا فيما استخلفنا الله فيه وعمارة ما أمرنا الله به.

هذا هو أهم ما ينبغي علينا معرفته عن الإبداع. لذا فالإبداع يشمل كل مناحي الحياة، ولا يقتصر فقط على الفنون والآداب كما يشيع أحيانًا، بل يتعداه ليكون إبداعًا في المناحي الاجتماعية أو إبداعا في العلاقات أو إبداعا في الصناعة أو إبداعا في طرق التسويق أو إنتاج منتج جديد أو... إلى آخر ما تضج به حياتنا اليومية من أنشطة.

وأعود للبيئة التي لا ينمو ولا يزدهر فيها الإبداع لنصفها بأنها البيئة التي لا تحتمل إلا رأيًا واحدًا وحلاًّ واحدًا وزاوية واحدة لكل موضوع.
البيئة التي تدعم الصمت والأسئلة القليلة أو المنعدمة. وترحب بالطفل الصامت الخانع. قليل الحركة قليل التساؤل المساير.
البيئة التي لا تتقبل الأفكار الجديدة ولا الحلول الجديدة ولا الآراء الجديدة.
البيئة التي تدعم الإجابة الصحيحة التي لا تحتمل الخطأ.

وهناك مجموعة من المهارات التي يجب دعمها وتنميتها في أولادنا الذين نتمنى من الله تعالى أن ينعموا بتفكير فعَّال :
- على رأس أي مهارات لا بد أن تذكر مهارة طرح الأسئلة. تلك المهارة التي اعتمد عليها سقراط اعتمادًا مفردًا في تعليم تلاميذه حتى إن هناك ما يسمى في بالطريقة السقراطية للتعلم.
وقد سئل "رابي" الحائز على جائزة نوبل في العلوم: لماذا اختار أن يكون فيزيائيًّا، فكان رده أن أمه كانت تسأله كل يوم عند عودته من المدرسة عن الأسئلة الجيدة التي سألها في يومه. لذا لا بد من إتاحة الفرصة وتعبيد كل الطرق أمام أسئلة الأطفال، وليس فقط للإجابة عليها، ولكن لتنهمر منها المزيد من الأسئلة

- استخدام الخيال:
هناك إجماع على الخيال هو التفكير بالصور. والخيال قوة عظيمة يستخدمها الإنسان، ويستطيع بواسطتها أن يحتفظ بالصور في العقل حتى لو لم ترتبط بشيء موجود في الحاضر أو الماضي. وهذه الصور تؤثر فينا كما لو كانت موجودة بالفعل.

- الطلاقة:
أي القدرة على الإتيان بعدد كبير من الحلول أو البدائل لأي شيء. وهناك طلاقة بصرية تتصل بالإبداع الفني والتشكيلي، وطلاقة سمعية وهي التي تستخدم في الإبداع اللغوي مثل التأليف؛ كما أن هناك طلاقة في الأفكار العلمية أو الرياضية (مثلاً استخدام القلم في عدد غير مألوف من الأشياء؛ عدد من الكلمات التي تنتهي بحرف "م"؛ اسأل الطفل: أي الطرق التي يمكننا الذهاب بها إلى مكان كذا، سمّ كل شيء أحمر تعرفه، سم كل شيء مستدير، أي شيء يمكن عمله من الصناديق الفارغة؛ كذلك يمكنك أن تجعله يصنف المكعبات بطرق مختلفة تبعًا للشكل، اللون، الحجم...، بناء المكعبات بأشكال مختلفة، اسأل طفلك دومًا ما التشابه بين رأسك والكرة مثلاً، يدك والقلم، علبة العصير وصندوق اللعب، ما الاختلاف بين كذا وكذا...).

- المرونة :
أي القدرة على إيجاد الحلول المختلفة عن الحلول الروتينية أو الشائعة، كذلك القدرة على تحويل مسار التفكير. والمرونة عكس الجمود الفكري، أي تبني أنماط ذهنية محددة وغير قابلة للتغيير.

- الوعي بالتفكير:
وهو ببساطة القدرة على وصف ما يعرفه الفرد أو يحتاج لمعرفته. كذلك القدرة على وصف الطريقة التي يفهم بها الأشياء والطريقة التي يفكر بها، أي القدرة على تحويل الصور البصرية الموجودة في أذهانهم إلى كلمات وإجراءات. ويمكن ببساطة تدريب الأطفال على ذلك إذا ما طلبنا منهم أن يحددوا خطة لعمل أي شيء أو تنفيذ أي شيء قبل البدء فيه. وأن يقوم بتوضيح ما يفكر فيه عن طريق الرسم أو التجسيم أو غيره من الطرق التي يمكن أن يبتكرها الطفل نفسه.

- العمل التعاوني :
ويتضمن ذلك الاستماع إلى الآخرين، إيجاد نقاط الاتفاق، قبول الآخر وعدم التحيز لأي أفكار مسبقة. كذلك إمكانية فهم مشاعر الآخرين، وفهم مشاعره هو نفسه والتعبير عن هذه المشاعر.

- روح المخاطرة :
والقناعة بالتجربة والخطأ وعدم الخوف من الفشل. أو الخوف من الاختلاف عن الآخرين. وهذا يكتسبه الطفل الذي يعتاد التجربة بنفسه ويعتاد تقبل أسئلته باحترام وتفهم، وتقبل أفكاره، ولا يجبر على "التقولب" في قوالب جامدة للتفكير.

- كذلك يتدرب الطفل مبكرًا على مشاركة الآخرين أفكارهم التي يعبرون عنها ويشرحونها، وتقديم أفكاره وحلوله في بيئة آمنة وداعمة.

- استخدام الحواس الخمس في التعامل مع المعرفة والخبرات الجديدة، خاصة أن طفلك في سن حسي.

- الثقة بالنفس وتقدير الذات:
وهو ما يكتسبه الطفل خطوة خطوة في حياته.
- المثابرة.
- التفاؤل.
- المرح وروح الدعابة.


والآن.. عمليًّا كيف نصنع مبدعًا؟

- متعي طفلك بالحب العميق وأشعريه بالأمان.
اجعلوا شعارهم.. التفوق على الذات لا الغير

- ساعدي طفلك على عمل كل ما يمكنه بنفسه، دعمي الاستقلالية والتجربة بشدة.

- وفِّري له مناخ وبيئة الاستكشاف والتجربة
ساحات الاستكشاف حيث التعلم متعة

- اقرئي لطفلك عددًا لانهائيًّا من القصص، واتركيه ليحكي لك.
أطلقي إبداع طفلك بالحكايات.

- احتفلي بإنجازاته: علقي "شخبطته" في مكان بارز في البيت وادعي الجميع ليطالعوا هذه الإبداعات
بالخطوط والألوان.. طفل ذكي وفنان

- ازرعي التفاؤل في نفس طفلك: ساعديه ليرى دومًا نصف الكوب المملوء، أشيري إلى المحاولات الناجحة ولا تلتفتي للزلات.

- شاركيه النكات والضحكات والمرح، وساعديه ليحكي لك نكاته.

وتبقى هناك بعض الموضوعات الهامة
مراحل التطور اللغوي للأطفال

لأن موضوع (كيف يكون ابني مبدعاً) متشعب ويدخل تفاصيل تكوين وتنمية الأطفال. وكأن تنمية الإبداع هي محض فطرة حين نربي أبناءنا تربية سليمة غير قمعية.
أهم ما أركز عليه: الحب ثم الحب ثم الحب.
ثم مساعدة طفلك على الاستقلال والحرية.
الإبداع حرية فإذا أردت طفلك مبدعًا ساعديه ليكون حرًّا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق