غير استراتيجيتك ... تكرار عمل لايجدي ؛ لايجعله يجدي

كتب . عبدالله القرزعي

يُحكى أن رجل أعمى فقير اعتاد منذ أكثر من عشر سنوات الجلوس على إحدى عتبات عمارة في شارع تجاري واضعا قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها:

' أنا أعمى وفقير أرجوكم ساعدوني '.
في ذات يوم مر رجل تسويق وإعلانات بالأعمى ليعطيه ... ولفت انتباهه خلو قبعة الفقير حيث لا تحوي سوى قروش قليلة ؛ مادعاه أن يسأله منذ متى وأنت تجلس هنا فقال الأعمى : قبل حوالي 10 ساعات !!?

ودون أن يستأذن من الأعمى أخذ رجل التسويق لوحته وكتب على ظهرها عبارة أخرى وأعادها مكانها ومضى في طريقه.
لاحظ الأعمى أن قبعته قد امتلأت بالمال بشكل سريع ، فعرف أن شيئا قد تغير وأدرك أن ما سمعه من الكتابة هو ذلك التغيير فسأل أحد المارة عما هو مكتوب عليها فكانت الآتي:
(أقبل العيد ؛ فساعدني على رسم بسمة على وجوه أطفالي ؛ كما تفعل مع أطفالك )
وفي قصة مماثلة :
يقول أحد المعلمين أن الطلاب حينما يكونوا قادمين من الفسحة تنتابهم مع بداية الحصة نوبة الحديث دون أذن ؛ كنت استخدم كلمة (نبدأ ياشباب) وأكرر العبارة نبرات صوت مختلفة تتجه صعوداً للأعلى ؛ ومعها يزداد ضجيج الطلاب !!!!
في ذات يوم قلت العبارة مرة واحدة ولما لم تجدي نفعاً إلتزمت الصمت واستخدمت التواصل البصري مع المتحدثين ؛ ثم اقتربت بهدوء إلى بؤرة انحسر فيها تبادل الحديث ؛ وهدأ الصف وبدأت درسي .

من القصتين نستنتج ما يلي :
1. نعتقد بل نجزم بأن ما اعتدنا عليه يأتي بنفس النتيجة دوماً ؛ حتى ولو تغيرت الظروف المحيطة بالموقف.
2. كل المشكلات نعتقد بل نجزم بأنها تحل بطريقة واحدة ؛ وننتظر بل نرضى بنتائج أقل مع استهلاكها لوقتنا وجهدنا.
3. نعتقد بل نجزم أن السيطرة على السلوك أمر سهل للغاية ولا يحتاج منا إلا لتكرار أسلوب واحد لتقويمه.
4. يثبت لدينا الكثير من الأساليب وفق تجاربنا تجدي نفعاً للسيطرة على السلوك ؛ وننسى أن السلوك يتقاعل ديناميكياً مع الظروف المحيطة.
ولتكون أساليبنا أكثر فاعلية وتأثيراً ... يجب أن نتذكر دوماً :
1. تكرار عمل لايجدي لايجعله يجدي .
2. غير استراتيجيتك لحل المشكلات عندما لا تسير الأمور كما يجب.
تحياتي لكم