2010/05/12

معالي الوزير السابق د.محمد أحمد الرشيد ... قيادة معنوية وبناء فكر تربوي واع


كتب . عبدالله القرزعي
حاز معالي د. محمد بن أحمد الرشيد –حفظه الله- الوزير السابق للتربية والتعليم في مملكتنا الحبيبة على الثقة الملكية في وقت كنا في أشد الحاجة إلى التغيير في جميع جوانب العملية التربوية والتعليمية 1416-1425هـ.
في حين انطلقت النظم التربوية والتعليمية على مستوى العالم بسرعة الصاروخ نحو التقدم والرقي ... كنا نفقد أبسط مقومات التغيير الفكرية والمنهجية ؛ وبات نظامنا التعليمي متقولب حول ذاته منعزلاً عن العالم من حوله وما يدور فيه من تطور .
( لم نتقدم فتقادمنا ؛ وتجاوزتنا الأمم )




ولد معالي د.محمد أحمد الرشيد عام 1363هـ الموافق 1944م ونشأ في حاضرة نجد وتحديداً في محافظة المجمعة وتربى في كنف والده تربية دينية واجتماعية قويمة في بيئة بسيطة جداً.
تخرج من المعهد العلمي وانتقل للرياض العاصمة 150 كيلاً عن مدينته الصغيرة؛ لدراسة البكالوريوس في جامعة الملك سعود في تخصص اللغة العربية. وانتقل إلى مكة المكرمة وتتلمذ على يد علماء كبار منهم د. زكي مبارك والشيخ محمد متولي الشعراوي.
لم يلبث أن انتقل النقلة الأكبر في حياته، وذلك بحصوله على قبول للدراسة بجامعة انديانا بالولايات المتحدة الأمريكية فكان من أوائل المبتعثين وحصل منها على الماجستير بامتياز في ( إدارة الأفراد في مؤسسات التعليم العالي) ؛ والدكتوراه من جامعة اللينوي - جامعة أوكلاهوما.
كانت عودته للوطن في سنة 1392هـ الموافق 1972م بعد حصوله على الدكتوراه للتدريس بكلية التربية جامعة الرياض.
تكونت البنية الثقافية والعلمية للقائد التربوي الفذ 1363-1392هـ خلال 34 عاماً تقريباً قضاها ناهلاً للعلم متنقلاً من المجمعة للرياض ثم مكة وأمريكا ....
وفي المرحلة منذ عام 1392-1415هـ وخلال 23 عاماً تمرس على أصول العمل والتعايش مع الأخرين وقيادة التغيير ؛ وتنقل بين عدة مناصب وهي :• أستاذاً ثم عميداً لكلية التربية جامعة الملك سعود.
• مديراً عاماً لمكتب التربية العربي لدول الخليج 1979- 1988م.
• مسؤولاً عن إنشاء جامعة الخليج العربي بالبحرين ؛ ونائباً لرئيس الهيئة التأسيسية لها من 1979- 1988م.
• رئيساً للجنة تقدم التعليم في دولة قطر في 1990م وحتى نهاية 1992م.
• نائباً لرئيس الهيئة التأسيسية لجامعة الخليج العربي.
• عضواً في لجنة التخطيط الشامل للثقافة العربية.
• عضواً في المجلس التنفيذي للمجلس العالمي لإعداد المعلمين في الولايات المتحدة الأمريكية.
• رئيساً لمجلس إدارة مدارس الرياض الأهلية ؛ وعضواً المجلس لفترات متعددة آخرها عام 1407هـ.
• عضواً في مجلس الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية الذي يرأسه خادم الحرمين الشريفين منذ عام 1992م.
• عضواً في مجلس إدارة مدارس الملك فيصل - الرياض.
• عضواً في مجلس الشورى السعودي (1414هـ).
• عضواً في لجنة الشؤون التعليمية والثقافية والإعلامية.

وبعد هذا التدرج والسيرة العطرة كانت القيادة الحكيمة للدولة –رعاها الله- تتلمس كل ما فيه خير الوطن والمواطن وبنظرة ثاقبة وبقدر تحديات المرحلة وضرورة التغيير .... جاء اختيار د.محمد أحمد الرشيد وزيراً للتربية والتعليم 1416هـ ضمن تغيير وزاري شامل .
توسمت الحكومة الرشيدة في معاليه روح الانتماء والعلم والعمل وحب الوطن و احترام المواطن والرغبة في التغيير والتطوير والقدرة عليه ؛ فمنحته ثقة غالية وكريمة.
كان معاليه قد أتى لوزارة المعارف وقد تقادمت فيها أمور كثيرة ؛ فقد كانت ساكنة مستكينة في أنظمتها ونظمها وفكرها وممارساتها ؛ الأمر المؤكد أنه كان لا علاقة لنا بما يدور حولنا في العالم !!!
ممارسات رتيبة وتقليدية قاتلة للطموح ؛ ولا آفاق أمل بمواكبة من تقدم علينا من الأمم التي هي أقل منا في مواردها البشرية والمادية ....
لن أسرد كل انجازات معاليه ؛ سأكتفي بومضات لقيادته للفكر وفتح مداركه ؛ وقد اعتمد على قيم ومبادئ هامة كان يكثر ترديدها بلباقته المعهودة لغرسها وترسيخها ومنها :• التربية عماد نهضة الأمم.
• المعلم ركن التربية الركين.
• التغيير ناموس كوني ؛ ننشده بتوازن ونحاكي ونبدع فيه.
• النشء أثمن مقدرات الأمة وكنوزها.
ويكفي معاليه فخراً تواضعه الجم ؛ وفكره النير ؛ وعلمه وحكمته ؛ ونمطه الإداري الرائع ؛ فقد كان مفوضاً متابعاً ؛ ومقوماً بعين الخبير .
تبنى كل فكرة إيجابية عرضت عليه ومن ذلك :
• توسيع مهام وكلات الوزارة وإدارات العموم .
• استحداث عدد من الوكالات وإدارات العموم .
• فتح مجالات جديدة كالموهوبين ؛ والتقويم الشامل ؛ والإعلام التربوي ومجلة المعرفة ؛ والتخطيط ؛ ومراكز مصادر التعلم ؛ وبرامج متعددة في التربية الخاصة ؛ وموقع الوزارة الالكتروني ...............وغيرها الكثير الكثير (تلك نماذج فقط)

في كتاب معاليه الشيق الذي صدر مؤخراً بعنوان (مسيرتي مع الحياة) ؛ أنكر فيه ذاته وقدم نموذج فكر وقيادة وعادات عمل لشباب الأمة ؛ أجمل بعد سرد ما أنجزه في وزارة التربية والتعليم بما يلي :(ولإيماني العميق بأن التعليم مهمة اجتماعية قبل كل شيء لا يقتصر الإنجاز فيها على أداء المدرسة، وإنما يتأثر بالاقتناعات والممارسات الأسرية والاجتماعية، وبالأنظمة الإدارية والمالية.. وغيرها، فقد تأملت إبان تسلمي مهام الوزارة في أسلوب يمكن أن يقود إلى رسم خارطة العمل في وزارة كانت أبداً مطالبة بالكثير وكانت دوماً محط الأنظار، تبعاً لأهميتها في إعداد الإنسان في بلادنا، وفي كل بلاد الدنيا، الإنسان الذي هو أولاً وأخيراً العنصر الأساسي في مدخلات ومخرجات جميع برامجها، وهو - أيضاً - الهدف النهائي لكل تلك الجهود، ووجدت تبعاً لذلك أن إشراك الإنسان في تقويم برامج وخطط الوزارة والاستنارة برأيه في تحديد أهمية وأوليات تلك الخطط والبرامج أمر بالغ الأهمية، وتقتضيه الضرورة للوصول إلى خطة عمل تمثل الرأي العام، المتخصص وغير المتخصص، فالتعليم كما أشرت همٌّ للجميع). (ص 138).

وتبقى حقبة معالي الوزير السابق د. محمد أحمد الرشيد هي من أوقدت شرارة التغيير والانفتاح على العالم وتطوير مجال التربية والتعليم في مملكتنا الحبيبة ؛ وذاك مؤشر وشهادة استمدها من معايشتي للعمل التربوي على مدى 18 عاماً عاصرت فيها أربعة من وزراء التربية والتعليم .
بيد أن أبرز معوقات رغبة د. محمد أحمد الرشيد الأكيدة في التغيير والتطوير من وجهة نظري كانت :• ضعف ميزانية الوزارة أنذاك بما لا يواكب المستجدات التي أحدثها ؛ والتي كان ينشدها.
• تسارع وتنوع التغيرات في ظل ميدان اعتاد التقليدية حتى أن الطموح أفل عنده ؛ والاطلاع أصبح فرض كفاية على بعض العاملين فيه.
• ضعف خبرة بعض قيادات الوزارة وإدارات التربية والتعليم في التخطيط للتغيير وقيادته وإحداثه.
• اتساع الفجوة بين طموح قائد وموارد الوزارة البشرية والمادية ؛ ما أحدث فجوة وخلل في بعض جوانب التغيير .

وكشاهد على عصره الزاهر كمعلم ومشرف تربوي
أشهد الله عز وجل أن د.محمد بن أحمد الرشيد –وفقه الله- حمل الأمانة ؛ ونصح الأمة ؛ وجاهد في الله حق جهاده ؛ ولا أزكي على الله أحدا.
وأياً كنت .... أعتبر شهادتي لمعاليه أقل واجب تجاه أحد أبرز قادة العمل التربوي على مستوى الوطن العربي ؛ حيث كان يحمل هم التربية والتعليم وأحد أكبر القادة والمفكرين التربويين.
تحياتي لكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق