2015/09/23

والدي الغالي … رحمك الله وغفر لك

 

كتب . عبدالله القرزعي images

 

الحمد لله المنعم المتفضل ..

الحمد لله على قضائه وقدره ..

الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملا ..

والدي الغالي علي بن عبدالله بن علي بن سالم بن صالح بن عبيد القرزعي  في ذمة الله

من الصعب اختزال حب أب ، وفضل راع  بعدة كلمات أو حتى كتب ..

ففضله مقدس ، وأجره من الله كبير برحمته ..

وعن خصاله وصفاته وشمائله … كل منا يرى في والديه أكثر مما يراه الأخرين ، وذاك أمر طبيعي بحكم الأبوة الحانية والرعاية الفاضلة ..

تعلم والدي -غفر الله له ورحمه رحمة واسعة -مع الجيل المتقدم من المتعلمين في التعليم الحكومي في عنيزة ..

وقد حفظ والده الجد عبدالله العلي –رحمه الله- القرآن الكريم في سن مبكرة ودرس على عدة مشائخ منهم الشيخ العلامة الكبير عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله  ، رغم انشغاله بالزراعة تعلم القراءة والكتابة والحساب  على يد عمه المعلم عبدالله السالم  1325هـ .

ولفضل العلم على الجد حرص على تعليم أبنائه . تعلم والدي الغالي -غفر الله له- في المدارس النظامية حيث درس  المرحلة الابتدائية في مدرسة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- العزيزية

ثم إلتحق بالمدرسة العسكرية في حي الضبط بعنيزة ولم يكمل فيها تعليمه

وانتقل مع جدي من عنيزة للخرج والتحق بالمعهد الزراعي وعمل على الأجهزة الزراعية

لاحقاً إلتحق بمعهد الجوازات وتوظف بها وعمل حتى نقل خدماته مدنياً للضمان الاجتماعي بعنيزة وتقاعد من وظيفة باحث اجتماعي على المرتبة السابعة عام 1417 هـ

رحلة كفاح ومثابرة عاشها متنقلا بين مدن عدة أما دارساً أو موظفاً كونت من شخصيته الموظف الاجتماعي المتعلم في وقت قل فيه المتعلمين ..

ولفضل العلم عليه حرص على متابعة دراستنا كي نحوز ماحازه ..

شخصية اجتماعية بكل مايحمله المعنى ..

وعلى مستوى الأسرة والمجتمع له علاقات وصداقات كثيرة ورائعة ..

له منهجية في التعامل مع الأخرين يحترم ويوقر كبارهم فيحوز احترام وتقدير من هم دونهم ..

المادة عنده وسيلة لتحقيق غاية وقد عاش في حاجة متعفف في صغره ومراهقته ، متوسط الحال في شبابه ، وأقبل عليه الخير في كبره وشيبته فكان حامدا شاكرا حتى بنى مسجدا للحي كختام لأعماله …

أحب والدي الفقراء والمساكين وسعى في حوائجهم ومصالحهم بل وفي كثير من المرات يؤثرهم على نفسه وأولاده ..

صداقاته من كافة أطياف المجتمع فقد عاش يحترم الجميع ولذا أحبه الجميع واتفقوا وتعايشوا مع منهجه وأسلوبه ..

أذكر في صغري أن له أكثر من جماعة أصدقاء ولهم في الأسبوع مايزيد عن خمس اجتماعات ..

حدث أن انتقلنا لبيتنا الجديد في حي الشفاء 1402 وقد زادت المسافة بينه وبين منزل جدي وجدتي في حي البحيرية مايقارب 7 كيلو متر .. واعتاد والدي يومياً قطع تلك المسافة مشياً على الأقدام ذهاباً وإياباً سنوات عدة لتفقد والديه وقضاء حوائجهم رغم وجود السيارة !؟

وفي بره بوالديه كان رحمه الله مضرباً في المثل حتى أنه تقاعد من عمله مبكراً ليتولى شؤون والده بعد وفاة جدتي –رحمها الله- وصولاً إلى مرافقته في المستشقى العسكري بالرياض لأشهر  قبل وفاته … بل أنه قبل ذلك اعتزل الناس ليعتني بهم في كبرهم…

كان والدي محباً للأطفال الصغار لم أراه يوماً يشرب أو يأكل قبلهم يلاعبهم ويأنس بهم ويؤنسهم مع حزمه مع أخطائهم لتربيتهم على محاسن الأخلاق واحترام الكبار …

وبحكم علاقاته وصدقاته عبر مراحل حياته كان يكنى مرة

بأبي سالم نسبة لبيت الجد سالم –رحمه الله - 

كما كان يكنى بأبي عبدالعزيز نسبة لاسم الأخ الغالي الأكبر-حفظه الله-

وتارة يكنى بأبي عبدالله نسبة لاسم والده –غفر الله لهما-

أصيب -رحمه الله- بالضغط والسكر ومع ذلك كان متجلداً صبوراً  لم أسمعه يوماً يشكي حاله لأحد أو يوضح مابه لأي من كان … بل كان حامداً شاكراً على الدوام ..

ومع كثرة العلاجات وطول مدتها وتقدمه في العمر بدأت صحته تتنازل تدريجياً حتى فقد الكلام والتركيز في آخر ثلاث سنوات وكانت حالته الصحية يوماً بعد يوم في تنازل … جعلها الله له تمحيصاً ومغفرة برحمته

فاضت روح والدي الغالي إلى بارئها فجر يوم الخميس الثالث من ذي الحجة من عام 1436هـ  وصلى عليه جمع غفير من الأقارب وأهالي عنيزة ممن عرفوه وممن لم يعرفوه فجزاهم الله خير الجزاء …

أرث لنا أبي الغالي –رحمه الله ووالديه - الكثير من القيم ومناهج التعامل مع الناس وحب الخير والمساكين  …

اللهم اغفر له وارحمه

وعافه واعف عنه وتجاوز عنه ، واغسله بالماء والثلج والبرد 

اللهم جازه بالحسنات إحسانا

وبالسيئات عفوا وصفحا وغفرانا

اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة وآنس وحشته

اللهم برحمتك ارزقه الفردوس الأعلى من الجنة مع الانبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ، وألحقنا بهم في عليين ..

اللهم نشهدك وملائكتك وحملة عرشك أنه أدى الأمانة في تربيتنا ورعايتنا وكافة شؤوننا ، وعلمنا احترام الناس وخاصة كبارهم، والتعفف عنهم عند الحاجة، وحب الأقارب والمساكين وقضاء حوائجهم …

اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين ، واقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين

اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا  ، واحفظ لنا والدتنا الغالية وارزقنا برها والإحسان إليها …

أبي ….

مر رحيلك وفراقك …

فقد كنت أمة في رجل تسامت أخلاقه ، وحسنت طباعه ، وعاش للخير فلقى الخير وما عند الله خير وأبقى ….

وداعاً ياأبي إلى الملتقى في جنة عدن بإذن الله وحوله وقوته …

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق