2014/05/30

80 ملياراً و80 مليار حلم

 

كتب . عبدالله القرزعيصوري الخاصة

الحمد لله المنعم المتفضل واهب كل شيء ومليكه والصلاة والسلام على معلم الناس الهدى وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ...

أنعم الله علينا بنعم كثيرة عل أهمها : نعمة الإسلام ، ووطن الخير ، وقيادة تحكم شرعه ومنهجه الذي ارتضاه للناس كافة ، إضافة إلى ثروة العقول ، والثروة الطبيعية.

إن أمة خصت وفضلت بتلك النعم جديرة بأن تنشد فرض وبسط هويتها الخيرة ، وذلك يتطلب منا جميعاً العمل وفق خيرية هذه الأمة وهذا الدين القويم وهذا الوطن الأبي ..

بفضل الله منذ تأسيس الدولة على يد المؤسس رحمه الله كان نهج العناية والأولوية للعلم وأهله نهج رئيس ، ومبدأ أساسي ، وسياسة راسخة توالت واستمرت تلك العناية مع توالي حكام هذه البلاد من أبناء المؤسس رحمهم الله وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله ووفقه ..

في عهده الميمون شهد التعليم العالي والعام قفزات تنموية كبيرة وتخصيص موازنات مالية كبيرة خاصة لتطوير التعليم .. عل أخرها تخصيصه حفظه الله 80 مليار ريال لتطوير التعليم العام كمرحلة ثانية بعد أن خصص قبل ذلك 9 مليارات لتأسيس مشروعه الطموح ..

بين ثنايا هذا الدعم الكبير لأبناء هذا الوطن الأبي كشف الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم عن تفاصيل برنامج العمل التنفيذي لدعم تحقيق أهداف مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام .

قراءة خاصة بهذه المناسبة أقدمها من واقع خبرة 22 عاماً في مجال التربية والتعليم عشتها معلماً فمشرفاً فرئيساً للتدريب ومساعداً لمدير التربية والتعليم ...

أولاً : دواعي ومبررات اقتراح وتبني برنامج تطوير التعليم العام :

رفعت وزارة التربية والتعليم هذا المشروع للمقام الكريم في هذه المرحلة التاريخية التي تشهد متغيرات وتحولات كبيرة وإصلاحات تنموية كبرى يشهدها عهد مقام خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لكل ما يخدم الوطن والمواطن ، ومستقبل الوطن والمحافظة عليه وعلى مكتسباته وأمنه واستمرار ازدهاره والحاجة الملحة لتطوير عدد من الجوانب المتعلقة بالعملية التعليمية و التحول لمجتمع المعرفة.

تعليقي :

مهم جداً أن نعي مستوى التحديات التي تواجه بلادنا كونه يحمل لواء الإسلام وأنعم عليه بمصدر الثروات الطبيعية . تلك التحديات أهمها الحفاظ على هويتنا الإسلامية الوطنية ومن السبل لذلك بعد توفيق الله وحفظه هو استمرار العناية بالمجال الحيوي التعليم الذي يغذي كافة مناحي التنمية ومجالات الحياة.

فالنظام التعليمي التربوي هو ركن ركين لتطور أي أمة ومحافظتها على هويتها وبسط سيادتها وفق قيمها ومعتقداتها الراسخة.

عليه أجد في مطلب وزارة التربية والتعليم واقعية وتخطيط حتمي وما استجابة خادم الحرمين له إلا إثبات حنكة وحكمة ورؤية وطموح كبير تجاه عزة هذا الدين وتنمية الوطن ورفاهية المواطن ...

 

ثانياً : العناية بالكوادر التربوية قيادة ومعلمين أولوية :

إيجاد حوافز لمديري المدارس ،وكذلك حوافز للمعلمين والمعلمات المتميزين ،والتأهيل النوعي للمعلمين باعتماد مبلغ 5 مليارات للخمس سنوات، حيث سيتم إيفاد نحو 25 ألف معلم ومعلمة للخارج للتدريب في مدارس الدول المتقدمة للتعرف على أفضل الممارسات الحديثة في برامج تمتد لمدة عام.

تعليقي :

مهما بلغ الإنفاق على الجانب المادي والبنية التحتية للنظام التربوي والتجهيزات وأهمية ذلك .. إلا أن العنصر البشري المؤهل المنتمي الذي يجد مايحافظ على دافعيته وطموحه وحقوقه في مقابل واجباته ... هو المحرك الأساسي لعجلة التنمية وتطوير أي نظام ...

ومع تقديري للجهود التي تمت وقُدمت خلال العشرين سنة الماضية إلا أننا مازلنا بحاجة ماسة لمزيد من التنمية المهنية النوعية وتنويع أساليبها وتطوير مشاربها وثقافتها.

لفت انتباهي ابتعاث المعلمين والمعلمات وقادة المدارس للتأهيل والتدريب في دول متقدمة في أنظمتها التربوية وأعتبر ذلك منهجية رائعة لتحقيق تغيراً منشوداً في نظامنا التربوي والفكر الذي يدير الموقف التعليمي التعلمي وأتوقع بإذن الله أن يوجد ذلك نماذج تحرك ساكناً وتحدث تطوراً وتغير الممارسات التقليدية.

وما يخص الحوافز أجزم بأننا إن أردنا السير قدماً نحو المدرسة المتعلمة يجب علينا إيجاد الحوافز اللازمة لاستمرار دافعية العمل والتطوير لقادة المدارس والمعلمين بمعايير ومحكات علمية موضوعية غير قابلة للاجتهاد.

ومهم جداً الإسراع في إقرار رتب قادة المدارس (ممارس-محترف-خبير-مستشار) ورتب المعلمين (معلم – معلم أول – معلم خبير –مشرف )...

بيد أنه يجب مقابلة ذلك بنظام محاسبية دقيق ليبقى الأصلح ويستثمر من ليس مجاله التعليم بمجال تستثمر فيه امكاناته المتاحة وقدراته.

ثالثاً : التوسع في رياض الأطفال الحكومية خيار حتمي :

افتتاح 1500 روضة أطفال، سيستفيد منها نحو150.000 طالب وطالبة، وإحداث 3.500 وظيفة معلمة خلال خمس سنوات، وسيتم إعطاء الأولوية للمدن الصغيرة، وللأحياء المكتظة ولذوي الدخل المحدود.

تعليقي :

مع هذا المعطى الهام والنقلة النوعية إلا أنه مازلت دور الحضانة ورياض الأطفال تحتاج لخطط أوسع كوننا متأخرين في هذا المجال الحيوي عن النظم التربوية .. وما أحلم به إلحاق دار حضانة ورياض الأطفال بكل مدرسة بنات ابتدائية بتغطية 100% .

أما لماذا ؟

كون دور الحضانة ستحقق فرص وأمن واستقرار وظيفي كبير للمعلمات وغيرهن من الموظفات وربات البيوت ماسيغني الأسرة السعودية عن الحاجة للخادمات.

وأما رياض الأطفال فهي حاجة تربوية لبناء وتهيئة شخصية الطفل للمرحلة الابتدائية وما بعدها .

قادرون بإذن الله على تحقيق هذا الحلم وفق الدعم الكبير المتتالي والمتزايد وفرص استثمار القطاع الخاص .. فقط نعطي أولوية وأهمية وتخطيط للمجال وسيتحقق ذلك.

رابعاً : المباني المدرسية ونماذجها والتجهيزات :

· اعتماد مبلغ 42.500 مليون ريال لمشاريع المباني المدرسية لمدة خمس سنوات، لبناء ما يقارب 3200مدرسة تقريباً، يستفيد منها أكثر من مليون ونصف أي ما يقارب 30% من طلبة المملكة.

· 3.750 مليون ريال لنزع ملكيات الأراضي لمدة خمس سنوات.

· مبلغ 5.500 مليون ريال لتأهيل وترميم المباني لمدة خمس سنوات.

· مبلغ 2.500 مليون ريال للتجهيزات المدرسية ووسائل الأمن والسلامة وتأمين المكيفات والبرادات لمدة خمس سنوات.

· مبلغ 2,500 مليون ريال لعقود التشغيل والصيانة والنظافة.

تعليقي :

دفعة كبيرة جداً في الجانب المادي والبنية الهامة للمدرسة ؛ الأميز فيها على الإطلاق قرار نزع الملكيات الذي طال انتظاره كثيراً وأعاق خطط القضاء على المباني المستأجرة وبناء المدارس حسب الكثافة السكانية.

وأتحفظ كثيراً على تأهيل المباني القديمة للمدارس إذ أنها ليست خيار استراتيجي بعيد .. كونها نماذج قديمة وماسيصرف على تأهيلها مبالغ كبيرة توازي ربما ثلث مبالغ الإزالة والإنشاء الجديد ؟

وأقصد بذلك كل مبنى مدرسي حكومي تجاوز عمره 30 عاماً ، وإنشائياً وفنياً سيكون غير صالح للتأهيل. خاصة إن كان موقعه مهم ويحتاج للتوسع وتغيير النموذج اللازم لمدرسة اليوم وفق معطيات وأسس تربوية.

وجيد إشارة المبادرة إلى استثمار المبنى المدرسي لساعات يومية أطول ليكون في متناول سكان الحي أسوة بنظم تربوية متقدمة. ويكفي أن يحقق ذلك انتماء بيئة المدرسة لها وتفعيل المجتمع المحيط بها واستثمار جهودهم وامكاناتهم.

 

خامساً : مبادرة المدارس المتخصصة لرعاية الموهوبين والمتفوقين :

تم تخصيص 1,500 مليون ريال للخمس سنوات. وستكون مدارس نوعية لأبنائنا الموهوبين والموهوبات والمتميزين والمتميزات، وستكون متقدمة في مناهجها وبرامجها وأساليبها.

تعليقي :

قرار غاية في الأهمية والتركيز على فئة هامة سيكون منها قادة وعلماء المستقبل . رائع بحق هذا التوجه وتلك الميزانية المخصصة والتي إن وجدت الكوادر القادرة والمميزة والمؤهلة على استثمارها فستحدث نقلة نوعية في مطلب هام لكافة مناحي التنمية. وستحوي وتنتج عقول تقود الوطن بإذن الله لمكانته المأمولة.

 

سادساً : وقف التعليم العام :

الموافقة على إنشاء الوقف بحيث لا يترتب عليه أي التزامات مالية على الخزينة العامة،وسيتم وضع تنظيم مناسب للوقف ودراسته من قبل اللجنة الوزارية للبرنامج تمهيداً لرفعه للمقام الكريم. مستهدفين أن تكون هذه الأوقاف روافد كبيرة يستفيد منها الطلاب والمجتمع والوطن إن شاء الله.

تعليقي :

الوقف مطلب وخيار ممتاز والمهم ألا يؤثر على موازنات الخطط التنفيذية وأن تكون ميزانيته خاصة ومستقلة.

وهنا أقترح استثمار بعض المباني المدرسية وتأجيرها للقطاع الخاص (التعليم الأهلي والأجنبي ومعاهد الحاسب والتدريب ) في الفترة المسائية خاصة في ظل عجز كثير من المستثمرين إنشاء مباني مناسبة . ليتم التركيز على نوعية الخدمات التربوية والتدريبية المقدمة من قبل المستثمر.

 

سابعاً : القسائم التعليمية :

يتولى القطاع الخاص تقديم الخدمة وتتولى الوزارة تغطية التكاليف وتقييم مستوى الخدمة،فقد تم اعتماد مبلغ 400 مليون سنويا لطلاب التربية الخاصة، بحيث يتم تقديم الخدمة من قبل القطاع الخاص للفئات التي لا يمكن تقديم خدمات لها من قبل الوزارة، ومن الأمثلة على ذلك الطلاب التوحديون، وذوو متلازمة داون، وذوو العسر القرائي وغيرهم. ومبلغ 100 مليون ريال سنويا لطلاب رياض الأطفال.

تعليقي :

القسائم التعليمية شراكة حقيقية مع القطاع الخاص والمستثمرين في مجال التربية والتعليم ورعاية بعض الفئات ... وهو خيار تعمل به كثير من النظم التربوية سواء المتقدمة أو غيرها ..

وما يجعل القرار أكثر تفعاً وتأثيراً هو تقويم الخدمات المقدمة من قبل جهات اختصاص داخل النظام وخارجه ومهم استقلال تقويم الخدمات المقدمة وحياديتها وعلميتها.

بقي أن أشير إلى أهمية تسريع الانتقال في جوانب هامة :

1. الانتقال إلى اللامركزية وتطبيق الهيكل التنظيمي الذي يمنح الوزارة الوقت الكافي واللازم للتخطيط ورسم السياسات. والمدرسة التمكين والتمتين والممارسات النوعية العلمية .

2. نقل الخدمات المساندة لجهات وهيئات مختصة.

3. إنشاء واعتماد هيئات وجهات مختصة ومستقلة في التقويم والرقابة والضبط لكافة عمليات النظام التربوي وخدماته المساندة بمعايير عالمية.

4. تنظيم واعتماد إنشاء مجتمعات التعلم المهني التي تبني فكراً مسانداً ورؤى تطويرية بديلاً عن النقابات وغيرها ..

5. الاستمرار في كل ما يمكن المدرسة وتزويدها بأدوات التطوير اللازمة وإخضاع أدائها لمجتمعها الداخلي (ذاتي) ومجتمعها المحلي ومحكات ومعايير هيئات وجهات مستقلة.

اللهم لك الحمد حتى ترضى وبعد الرضى ...

أسأل الله الكريم بمنه وفضله أن يحفظ قادة البلاد وأن ييسر للمواطنين ونشء الأمة الخير في الدنيا والأخرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق