علمتني السنون ألا أحكم على شخص ما بمعطيات مسبقة ؟
والانتظار إلى ما بعد التعامل والعمل وخوض تجارب معه في مواقف ومحكات حقيقية ؟
زميل لي ربطتني به معرفة سطحية على مدى عشر سنوات من صفاته أنه هادئ الطباع ؛ قليل الكلام …
تردد على مسامعي من أكثر من شخص أنه :
شخص غير منتج ؟
بل وغير مبادر ؟
ويتصق بالبرود الذي يصل إلى حد البلادة واللامبالاة !!
الصورة المستوحاة من كلام الأخرين أن الرجل سلبي …
شاءت أقدار الله عز وجل وجمعتني به فرصة عمل ومهمة معقدة للغاية وتحتاج لكثير من مهارات الضبط والدقة والتخطيط والمنهجية الواضحة ومهارات الاتصال والتواصل …
نعم ،، إنه المحك الحقيقي لكشف امكانات ومواهب الرجل وقيمه الحقيقية في العمل ؟ وانتاجيته ووو…..
اعتدت أن أبادر في الأعمال المشتركة ؛ بيد أنني لمست من زميلي المذكور شيء من الاندفاع والحماس والتنظيم …!!
المعطيات الأولية تشير إلى أن ما نقله أكثر من شخص عنه .. غير دقيق ؛ فالبداية كانت ايجابية للغاية ..
ولأول مرة ضغطت على نفسي وتجنبت المبادرة لأكتفي بالمشاهدة والرقابة وتقديم الاقتراحات فقط !
استمر العمل مع زميلي خلال عام كامل وكانت النتائج كالأتي :
- مبادر من الدرجة الأولى !
- منظم ودقيق في اجراءاته !
- مخطط رائع !
- تواصله أكثر من رائع !
- منتج بحق !
- مريح في حواره ومفاهماته ؛ يختصر يوجز ويفهم …
- وحتى طرحه لرأيه ودراساته يكون بأسلوب اذهلني واستفدت منه كثيرا …
في أحد الأيام وضعت الرجل في محك الحكم ففي إحدى كفتي الميزان وضعت كل ما سمعته عنه وفي الكفة الأخرى ما شاهدته بنفسي واقعاً محسوساً وملموساً بمؤشرات وشواهد … فكانت النتيجة :
- ما ينقله الناس عن بعضهم البعض لا يعدوا كونه ما تنضح به أوعيتهم ومواقفهم وخبراتهم الخاصة والشخصية.
- معايير الحكم على الأخرين تختلف من شخص لآخر -حسب تربيته وإيمانه وأخلاقه - … منها ما يستحق أن يكون معيارا ومنها ما ينزل ليكون زوراً وبهتاناً ومعيار شيطاني مقيت !! ونفس أمارة بالسوء !!
- وحتى وإن أتتك الصورة عن شخص ما ؟؟ من شخص تثق به ؛ أو يثق به الأخرين فلست مجبراً للأخذ بما يقول لأنه قد تحكم تلك الصورة مواقف ليست من معاييرك التي تعبر عن قيمك ..
- لن يضيرك الانتظار لإطلاق حكم على شخص ما … بل أنك( لا تحتاج في كل مرة لحكم في كثير من الأحيان فالأمور تسير بتلقائية دون أحكام ) ؟؟!!
أحاول في نقل ذلك الموقف إلقاء الضوء على واحده من أهم كفايات التعايش مع الأخرين حتى ولو لم نتفق …
- حرر عقلك وشكل تصوراتك ولتكن معاييرك واقعية ..
- جرب أن تطبق تلك المعايير على نفسك لتختبر أصالتها مقارنة بقيمك الحقيقية !! فإن قبلتها وتجاوزتها وارتضيتها فضع الأخرين في محكاتها ؟؟
- لا تأسرك مواقف ومشاهدات الأخرين … فالبعض منهم يصور لك موقفاً بسيطاً على أنه أمر جلل !!؟؟
وفقتم وسددتم … ودامت أحكامكم على الأخرين ظاهرها الرحمة وباطنها الحق ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق