2012/03/19

التقويم الذاتي وتقويم الأقران

يستند التقويم التربوي البديل إلى منظور جديد للتعلم الإنساني يؤكد المشاركة النشطة من جانب الطالب في تكوين أو بناء مخططات يوظفها في فهم المادة التعليمية، وإضفاء معنى ودلالة عليها. فإن التقويم الذاتي يعد مكونة أساسية من مكونات التعلم المستقل للطالب، وزيادة دافعيته، وتقديره لذاته، ويوجه نظره بدرجة أكبر إلى ما يقوم بأدائه، وكيف يؤديه، وبذلك ينمي لديه التفكير الناقد البناء.

كما أن تقويم الأقران يسمح للطلبة بالعمل معاً في تقييم أعمال بعضهم البعض الآخر، وبذلك يصبح للطلبة دور إيجابي نشط في تعلمهم، وتقويم أعمالهم بأنفسهم.(علام،2004،ص207).

مفهوم التقويم الذاتي

أوضح باود Boud,1991) ) الخصائص المميزة للتقويم الذاتي بأنها تتضمن مشاركة الطلبة في تحديد مستويات ومحكات بغرض تطبيقها على أعمالهم، وإصدار أحكام تتعلق بمدى تحقيقهم لهذه المحكات والمستويات. وهاتان الخاصتان تمثلان عنصري أي عملية تقويم. وبذلك يعد التقويم الذاتي أداة أو وسيلة للانعكاس، والتعلم، والمراقبة أو الضبط الذاتي للأداء .

فالتقويم الذاتي يستخدم لأنه يمكن أن يزيد دافعية الطالب، وثقته بنفسه، وإحساسه بامتلاك مقدرات تعلمه دون تدخل خارجي، ويوفر الوقت الذي يستغرقه المعلم في تقويم طلبته وتقرير النتائج، كما يمكن أن يثري المناهج وبخاصة في الجوانب الوجدانية، وييسر التعلم المستقل.

ويقتصر دور المعلم في التقويم الذاتي على إبداء تعليقاته التي تعزز عمل الطالب وتقويمه الذي يقوم به بنفسه، ويوضح الخطوات التالية في التقويم، ويحث الطالب على إعادة النظر في تقويمه والأساليب التي استخدمها في ذلك، دون أن يوجه إليه اللوم، أو يبدي اعتراضه على تعليقاته. وبذلك يكون المعلم ميسراً لتعلم طلبته، وموجهاً لهم في استخدامهم أسلوب التقويم الذاتي بطريقة هادفة.

مفهوم تقويم الأقران

يرتبط تقويم الأقران ارتباطاً وثيقاً بالتقويم الذاتي ، حيث يتضمن قيام كل طالب بتقويم أعمال أقرانه. إذ يمكن لطالبين مثلاً أن يتبادلا التعيينات أو المهام أو الأعمال التي أداها كل منهما، ويقوم كل منهما بتقويم جودة، أو دقة، أو ملائمة عمل الآخر. غير أن هذا يتطلب تنظيماً وإعداداً، لكي يكون تقويم الأقران متسقاً، والأحكام الناتجة عنه صائبة.

ويرى فلاشيكوف(Flachikov,1995) أن تقويم الأقران يمكن الإفادة منه في عملية التعلم. فهو يشجع الطلبة على التفكير، ويزيد ثقتهم بأنفسهم ويحثهم على تحمل مسئولية تعلمهم كما في التقويم الذاتي. وكذلك يساعدهم في تعرف خصائص الأعمال الجيدة التي يقومون بتقويمها، وفهم المادة الدراسية فهماً أفضل.

غير أن تقويم الأقران يختلف عن التقويم الذاتي في أنه يشعر الطالب الذي يتم تقويمه بواسطة زميل له بسلطة هذا الزميل. مما قد يجعله يتخذ موقفاً رافضاً. كما أن العلاقات القائمة بين الطلبة، سواء كانت علاقات صداقة، أو تفضيل، أو تحيز، تؤثر في صدق تقديراتهم لأقرانهم.

كذلك ربما لا يكون لدى الطلبة معارف ومهارات كافية في مجال دراسي معين تمكنهم من تقويم أقرانهم تقويماً عادلاً.

ويتأثر تقويم الأقران أيضا بالسياق الذي يجري فيه التقويم. فإذا كان الطلبة يعملون في مواقف تنافسية، فإنه يحتمل أن تكون تقديراتهم لأقرانهم منخفضة، أو غير عادلة. وكذلك ربما تكون تقديراتهم غير معبرة عن أداء بعض أقرانهم الذين يعملون في مواقف جماعية تعاونية.

لذلك ينبغي الحيطة عند استخدام هذا النمط من التقويم، نظراً لأنه يتضمن عمليات إضافية، ومشاعر متباينة، ليست متواجدة في التقويم الذاتي.

والخلاصة أن التقويم الذاتي، وتقويم الأقران يعدان من العمليات التي بواسطتها يعطى الطالب بعض المسئولية في إصدار أحكام تتعلق بجودة عمله (تقويم ذاتي )، أو عمل غيره (تقويم الأقران ).

ويحاول كل من نوعي التقويم ما يلي:

o زيادة استقلالية الطالب .

o فهم الطالب للمادة الدراسية فهماً متعمقاً.

o تحويل الطالب من متلق سلبي إلى مقوم.

o جعل الطالب قادراً على نقد أعماله بنفسه .

o توضيح مفهوم الذاتية وإصدار الأحكام للطالب.

مبررات التقويم الذاتي، وتقويم الأقران

يعد التقويم التربوي بعامة من المفاهيم التي ارتبطت في أذهان الطلبة بأنه عملية إصدار أحكام عليهم من جانب المعلمين الذين يمارسون سلطتهم المعتادة. غير أنه حدثت في الآونة الأخيرة تحولات جوهرية في الفكر التربوي فيما يتعلق بهذه النظرة التقليدية لعملية التقويم، وكيفية انتقال السلطة فيها من المعلم إلى الطالب. فبدلا من الدور السلبي للطالب في تقويم أعماله، وإصدار أحكام حول أدائه وتحصيله، أصبح من الضروري أن يعاون المعلم طلبته في تنمية قدرتهم على التفكير بأنفسهم، وزيادة ثقتهم في قدرتهم على التعلم، وتقويم تعلمهم واستمراريته بعد تخرجهم.

غير أن المنظور الجديد للتقويم التربوي البديل يؤكد أن أساليب التقويم تؤثر في تعلم الطلبة، حيث إنهم يبذلون الجهد، ويستغرقون الوقت، لأي إنجاز مهام تقويمية تؤدي إلى نتاجات أو أدوات واقعية متكاملة. وعمليات ومراحل إنجاز هذه المهام تؤدي إلى تحقيق نواتج تعليمية مهمة تسهم فيها عملية التقويم. والتقويم الذاتي وتقويم الأقران يعززان هذا المنظور الجديد. فالطلبة يتعلمون من خلال مشاركتهم النشطة في المهام المعرفية والأدائية، كما أن تقويم أنفسهم بأنفسهم، وبواسطة أقرانهم ، يعد جزءاً لا يتجزأ من عملية التعليم؛ لذلك أصبح التقويم والتعليم يتم تصميميها كنشاط واحد متكامل.

وقد أسهمت التطورات المتسارعة في تقنيات المعلومات، والمفهوم المعاصر للمعرفة، في تأكيد أهمية التقويم الذاتي، وتقويم الأقران.

ومن العوامل الأخرى التي أسهمت في تأكيد أهمية التقويم الذاتي وتقويم الأقران التوجه نحو نظام العولمة. فكثير من الطلبة أصبح يدرك تداخل القضايا والاهتمامات، والمصالح المشتركة بين دول العالم.(علام ،2004،ص209).

أساليب التقويم الذاتي وتقويم الأقران

clip_image001

(علام،2004،ص218)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق