2010/05/13

التربية في مواجهة تحديات عصر المعرفة


د. غانم بن سعد الغانم
كانت التربية وما تزال طريق الأمم إلى المستقبل، ولكنها خلال العقود القليلة الماضية لم تعد القوة الوحيدة التي ترسم معالم هذا الطريق، وإنما أضيفت قوة أخرى مؤثرة هي ( قوة تقنية المعلومات والاتصالات) ، التي تشكّل مع التربية حلقتين متلازمتين في رسم معالم طريق المستقبل، كما أصبحت القوة المحركة نحو بناء مجتمع المعلومات والمعرفة.

وقد أدركت القيادة في المملكة العربية السعودية هذه الحقيقة، فعملت على تقويم خططها وبرامجها، وإعادة هيكلة مؤسساتها، وتطوير آلياتها وأدواتها مستهدفة التنمية المستدامة والدخول إلى مجتمع المعلومات والمعرفة.
ووجهت بضرورة إعادة بناء النظم التعليمية السعودية لإعداد أجيال المتعلمين والمتعلمات للعصر الرقمي، وللعمل في مجالات اقتصاديات المعرفة ولتعزيز الهوية والانتماء الوطني .

وهذه التغيرات والتحديات لا يمكن الاستجابة لها بأساليب تقليدية، وإنما ينبغي التعامل معها من خلال رؤى وأهداف وإستراتيجيات مختلفة نوعاً وكمًا، وأساليب تعتمد فكراً تربويًا مغايراً، فكراً ينظر إلى المستقبل بهدف متحرك أساسه نظام تربوي قوي ومرن ومتجدد، ومحوره العنصر البشري القادر على تحليل الحاضر والتفاعل الفوري مع المتغيرات، وابتكار الحلول العملية بناءً على رؤية واضحة لما ينبغي أن يكون عليه النظام التربوي في مرحلة ما في المستقبل.

وبالتالي فإن التربويين أمام تحدٍ كبير وخيارٍ إستراتيجي لا مفر منه، فنماذج التعليم التقليدية لم تعد قادرة على معالجة المشكلات التعليمية أو مواجهة تحديات الثورة المعلوماتية، ولا بد من إعادة صياغة المفاهيم التعليمية بطريقة جديدة وإحداث تغيير جذري في البنية الفكرية للمدرسة، وفي مناهج التعليم ، واستراتيجيات التعليم والتعلم، و إعادة تصميم بيئات التعلم المختلفة بما يتلاءم مع متطلبات هذا التغيير.

وانطلاقًا من دور الإشراف التربوي الهادف إلى تجويد المنظومة التعليمية بكامل عناصرها وتطويرها، وإحداث التكامل بينها بما يكفل تحسين المخرجات النوعية لبيئات التعلم المختلفة؛ فقد برزت الحاجة إلى إعادة النظر في مجمل العمليات الإشرافية على مستوى الفكر والممارسة، والبُنى التنظيمية والهيكلية للإشراف التربوي وتطويرها؛ ليتمكن من أداء رسالته في تطوير بيئات التعلم بكفاءة وفاعلية .

ونؤكد أن هذا التوجه الجديد للإشراف التربوي ليس بديلا عن أي خطة قائمة اليوم، بل هو إطار حاضن لما هو قائم ، منسجمٌ مع الرؤية العامة للوزارة وأهدافها، وخططها الرامية لإحداث التحول المنشود في النموذج التربوي بصورة عامة، وبيئات التعلم المدرسي على وجه الخصوص؛ تحولاً يعزز الهوية الوطنية من جهة، ويتواءم مع التوجهات الحديثة للإصلاحات التربوية المعتمدة على المعرفة المعاصرة حول عملية التعلم، ومعطيات عصر المعرفة والمجتمع المعلوماتي من جهة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق